الشباب الحزبي ومآلات التحديث السياسيّ في الأردن

تقديم:

بدأ الأردن أولى خطوات المئوية الثانية، بعملية “إصلاح سياسي كلي” من خلال مبادرة ملكية بتشكيل لجنة تحديث المنظومة السياسيَّة، مهمتها الرئيسية تهيئة البيئة التشريعيَّة والسياسيَّة حاضنة للمشاركة السياسيَّة الفاعلة، القائمة على العمل السياسيّ الحزبي البرامجي، وذلك من خلال وضع مشاريع قوانين جديدة للانتخاب والأحزاب السياسيَّة والبلديات، والنظر بالتعديلات الدستوريَّة المتصلة حكمًا بالقانونين وآليات العمل النيابي، بالإضافة إلى مقترحات متعلّقة بالسياسات العامة الموجهة للشباب والمرأة، بهدف  خلق مناخ وبيئة حاضنة وآمنة للعمل السياسيّ والممارسة الديمقراطية، تهدف إلى تعميق التحول الديمقراطي والوصول إلى حكومات قائمة على البرامج السياسيَّة والتكتلات الحزبية.
بمشاركة (13) حزب سياسي، عقد معهد السياسة والمجتمع، على يومي 18-21 نوفمبر/تشرين ثاني 2021، حواريات الشباب والتحديث السياسيّ، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسيَّة، والعمل على تقديم تشخيص وتصورات لأبرز التحديات والفرص التي قد تواجه تنفيذ توصيات اللجنة، والعمل على رسم خارطة طريق سياسيَّة من وجهة نظر الشباب الحزبي، تمثل الممارسات الفضلى لأصحاب المصلحة من أجل تفعيل وتعميق التحول الديمقراطي.
استندت الحواريات على منهجية “مجموعات النقاش المركّزة (FGD)، مع التركيز على توصيات لجنة تحديث المنظومة السياسيَّة المتعلّقة بالشباب والمشاركة السياسيَّة والحزبية، والتحديات التي تحول دون تطبيقها، والمقترحات على مستوى السياسات والآليات التي تساهم في تعزيز في إدماج الشباب في العمل الحزبي، من خلال طرح مجموعة أسئلة (ماذا وكيف؟)، بهدف الحصول على إجابات إجرائية (منهجية تطبيقية) لسياسات التحديث السياسيّ من وجهة نظر الشباب الحزبي.

الشباب الحزبي وتحديث المنظومة السياسيَّة:

يجسِّد الشباب بشكل عام والسياسيّ بشكل خاص حجر الزاوية في نجاح أو إخفاق جهود التحول الديمقراطي، خصوصًا وأن لكل جيل سياسي خصوصية وأدوات تختلف عن سابقيه، وبناء على ذلك، وجد معهد السياسة والمجتمع، أهمية كبيرة في خلق مساحات نقاش مع الشباب الحزبي بوصفه عامل تغيير سياسي، ولمعرفة آراء وأفكار وتوجهات الشباب الحزبي في الأردن نحو مرحلة التحديث السياسيّ، والوقوف عند التحديات والمعيقات التي قد تواجه مسار التحديث وآلياته، بالإضافة إلى الحصول على مقترحات وتوصيات عملية تساهم في رفد جهود التحديث السياسيّ وتعميق مسار التحول الديمقراطي من وجهة نظر شباب الأحزاب السياسيَّة، خصوصًا وأنّ هذه المقترحات المؤمل تطبيقها، تقتضي إجراءات تنفيذية وعدم حصرها في الإطار التشريعي والقانوني، تحديدًا فيما يتعلق بأدوار الشباب في تعزيز ودعم تطبيق المخرجات.

تمثل توصيات لجنة تحديث المنظومة السياسيَّة فيما يتعلق بعمل الشباب الحزبي فرصة حقيقية وعملية لإدماج الشباب في الحياة السياسة الحزبية بشكل فاعل، وهذا السياق يرتبط بشكل وثيق بقدرة الأحزاب السياسيَّة على تغيير واقعها وتطبيق برامجها وخلق بيئة حاضنة لتوظيف نخب سياسيَّة وقيادات حزبية جديدة من جيل الشباب الأردني. علاوة على ضرورة وجود قيادات شبابية في مواقع صنع القرار لمواجهة المشاكل الاقتصاديَّة والسياسيَّة، وتطوير الأحزاب للعمل البرامجي والاستقلال المالي، بعيدًا عن الأشكال التقليدية للعمل الحزبي القائم على الروابط العائلية والعلاقات الشخصية، وبناء على ذلك؛ يجد الشباب الحزبي في لجنة تحديث المنظومة السياسيَّة “مصلحة سياسة” لما توفره من مناخ سياسي ايجابي وإعادة توجيه الاهتمام للعمل الحزبي ودوره في الإصلاح السياسيّ بشكل خاص والإصلاح التنموي بشكل عام.
مثَّلت إدارة الحكومة للأحزاب السياسيَّة في الفترات السابقة من حيث التنسيق وتنظيم شؤون الأحزاب ودعمها ماليًا – بحسب المشاركين – تجربة انعكست سلبًا على الشباب وممارستهم الحزبية، ويظهر بين المشاركين أكثر من رأي حول أهمية تهيئة المناخ للتمويل الذاتي للأحزاب، وعدم الاعتماد ماليًا بشكل أساسي على الحكومة وبالتالي هناك تأكيد كبير على توصيات لجنة تحديث المنظومة السياسيَّة فيما يتعلَّق باستقلال تنظيم شؤون الأحزاب عن الحكومة ونقلها إلى هيئة مستقلة تنظّم وتدير شؤون الأحزاب السياسيَّة.

عوائق تحديث المنظومة السياسيَّة:

1- أشار المشاركون إلى غياب مساحات الحوار بين الحكومات وشباب الأحزاب خلال المراحل السابقة، ولابد أن يشعر الشباب بأنهم شركاء حقيقيون في صناعة القرار وتجويده، وأن اتساع الفجوة وغياب الاتصال؛ ينعكس سلبًا في نجاعة القرارات وإنفاذها، ولابد من الاستماع إلى الشباب الحزبي خصوصًا في المسائل المرتبطة بالإصلاح السياسيّ والتحول الديمقراطي.
2- يجمع المشاركون على إشكالية العنف السياسيّ بأنواعه وأشكاله المختلفة، المباشرة وغير المباشرة في التعامل مع الشباب الحزبي، ودوره في اغتراب الشباب الأردني عن العمل الحزبي. وتكريس رهبة وتوجس الجيل من الأحزاب السياسيَّة، بالتالي انتقال هذه الريبة إلى المجتمع.
3- ضعف القدرة على التعبئة السياسيَّة بسبب الصورة النمطيّة السلبيّة عن جدوى العمل الحزبي في الأردن، بالإضافة إلى صعوبة إدماج شريحة واسعة من طلبة الجامعات ممن لديهم أشقاء عاملون في الجيش العربي والأجهزة الأمنية، لأن في ذلك – كما يشير المشاركون – تأثير على المسار المهني للعسكريين العاملين ويضعف حظوظهم في الحصول على الاستفادة الشخصية مثل الاشتراك بالدورات والسفر، بالتالي تخسر الأحزاب السياسيَّة تعبئة شريحة واسعة من طلبة الجامعات الذين لديهم أقارب وأشقاء في هذه المؤسسات.
4- تغييب الشباب الحزبي عن وسائل الإعلام الوطنية، والافتقار إلى وجود المنبر الوطني الذي يساهم في إيصال الأفكار والمشاركة في إيجاد الحلول للمشاكل والتحديات الوطنية، وإبداء الرأي في قضايا الشأن العام.
5- ضعف برامج التنشئة السياسيَّة في المؤسسات التعليمية وفي البرامج اللامنهجية، خصوصًا في ظل غياب استراتيجية وطنية للتنمية السياسيَّة، بالتالي يضعف الاهتمام الشعبي بالعملية السياسيَّة.
6- يجد شباب الأحزاب غياب العدالة في دعم الأحزاب السياسيَّة، وأن نهج الدعم القائم على الولاء للحكومات يحد بشكل كبير من فعالية العمل الحزبي وتجدد القيادات السياسيَّة بداخله.
7- غياب آليات العمل المشترك بين الأحزاب، يؤدي إلى غياب التنافسية السياسيَّة على البرامج الثقافية والاقتصاديَّة والاجتماعية، ويتضح من مداخلات المشاركين، ضعف اللقاءات المشتركة بين الأحزاب وغياب التنسيق فيما بينها.
8- توجيه التمويل الحكومي للأحزاب السياسيَّة لمرحلة الانتخابات فقط، يضعف الأدوار الاقتصاديَّة والبرامج الإبداعية داخل الأحزاب، حيث ان تمويل برامج تتعلق بريادة الأعمال والاعتماد على الذات في الاستثمار الاقتصادي للحزب، يعتبر دعم أكثر استدامة من الدعم المقتصر على المشاركة في الانتخابات.

مقترحات عملية للتحديث السياسيّ من وجهة نظر شباب الأحزاب:

أولاً: على المستوى السياساتي:

 تشكيل هيئة وطنية مكونة من مؤسسات المجتمع المدني المنتخبة كالأحزاب والنقابات، تشرف على خارطة الطريق السياسيَّة، ومراقبة تنفيذها، واقتراح الخطوات اللازمة لتطوير وحماية مسار التحديث السياسيّ.
تنظيم لقاءات حوارية دورية بين الحكومات وشباب الأحزاب السياسيَّة لمناقشة قضايا الشأن العام وتقديم تصورات لأبرز التحديات والحلول وآليات تنفيذها من وجهة نظر شباب الأحزاب السياسيَّة.
الاهتمام بتحسين البيئة السياسيَّة والقيام بالخطوات اللازمة لذلك مثل ضمانات النزاهة ورفع التدخل بالنقابات وإطلاق سراح المعتقلين على خلفيات سياسيَّة.
إيقاف السياسات الأمنية المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالعنف السياسيّ، ورفع القبضة الأمنية، والبرهنة العملية على ذلك من خلال وقف الاشتراطات المرتبطة بالموافقات المسبقة في مختلف المجالات، والعمل على إيقاف الاستدعاءات وحجز الحريات، وإيقاف مصادرة جوازات السفر و منع السفر و الأجهزة الشخصية للسياسيين.
توسيع نطاق المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص نحو تنمية العمل الحزبي فيما يتعلق بالتمويل ودعم البرامج الاقتصاديَّة والثقافية والاجتماعية، والعمل على إعفاء المتبرعين الأفراد للأحزاب من الضريبة بنسبة 100% من قيمة التبرع.
إنشاء ودعم مشاريع مشتركة بين شباب الأحزاب، تهدف إلى تبادل التجارب والخبرات والأعمال المشتركة.
تعد وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي الوسيلة الفعالة لنشر الوعي السياسيّ حول الأحزاب والبرامج الحزبية ودورها في تعزيز المشاركة السياسيَّة الحزبية للشباب، بالتالي هناك ضرورة إلى توفير منصات رقمية فاعلة لجميع الأحزاب، تدعم التشاركية وفتح قنوات الحوار بين الشباب الحزبي لتبادل الآراء.

ثانيًا: على المستوى التشريعي:

مراجعة قانون الجامعات وتطويره بما يتيح المجال للأحزاب السياسيَّة التواجد في الجامعات وإنجاز برامج ثقافية وسياسيَّة واجتماعية للطلبة.
تعديل وتطوير قانون انتخابات اتحادات الطلبة في الجامعات بما يتيح للأحزاب السياسيَّة المشاركة البرامجية في هذه الانتخابات.
تطوير نظام تمويل الأحزاب بحيث يتوزع الدعم بين المشاركة في الانتخابات العامة وبين البرامج الاستثمارية داخل الحزب والمصاريف الإدارية الأخرى.
تعديل التشريعات التي تعرقل اعتماد مواد تدريسية حول العمل السياسيّ والحزبي داخل الجامعات، واستحداث مادة دراسية تتحدث عن أهمية العمل الحزبي للشباب وانعكاسه على المستوى المعيشي والمستوى الاقتصادي والسياسيّ.
تطوير نظام حصانة الشباب الحزبي كنظام حصانة الصحفيين، وإتاحة المجال لمبادرات الدفاع الحقوقي عنهم.

الأحزاب السياسيَّة المشاركة في حواريات الشباب والتحديث السياسيّ:

1-    حزب تواد (التجمع الوطني الأردني الديمقراطي).
2-    حزب الفرسان الاردني.
3-    حزب الوفاء الوطني.
4-    حزب المستقبل الأردني.
5-    حزب النداء.
6-    حزب المؤتمر الوطني (زمزم).
7-    حزب جبهة العمل الإسلامي.
8-    الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
9-    حزب الوسط الإسلامي.
10-    حزب جبهة النهضة الوطنية.
11-    حزب الشورى.
12-    حزب الوطني الدستوري.
13-    حزب النهج الجديد.                                       
                

زر الذهاب إلى الأعلى