فكر الديمقراطية الاجتماعية
الديمقراطية الاجتماعية تنظر إلى الحرية والعدالة كفكرتين متكاملتين مترابطتين، وأي خلل في إحداهما يؤدي إلى خلل في الأخرى.
والعدالة في توزيع الدخل ومكتسبات التنمية والتعليم والصحة والنقل والبنية التحتية (أصبحت البنية التحتية للتكنولوجيا لها الأولوية)، تؤدي إلى حياة كريمة لكافة المواطنين، ولا سيطرة لبعض الفئات على المجتمع، ولا سيطرة لخدمة مصالحها الأنانية وامتيازاتها.
والمنطلق الأساس في فكرة الديمقراطية الإجتماعية هو تحقيق التقدم والرفاه للمجتمع ولكل فرد فيه.
وهذا لا يتحقق بالشعارات والدعوات المجردة، بل بخلق الأدوات والوسائل التي تقود إليه وتمكين المواطنين من المشاركة السياسية والمنافسة الديمقراطية بين الأفكار والبرامج التي تطرحها النخب والقيادات والأحزاب السياسية وتمكين الإطار المؤسسي لهذه المنافسة.
ويحتل الإصلاح والتطوير السياسي موقعا مهما في منهج الديمقراطية الإجتماعية بالتوازي مع الإصلاح الإقتصادي والإداري، والتطوير الثقافي والإجتماعي.
وعليه تدعو الديمقراطية الإجتماعية إلى المشاركة العامة من جميع المواطنين على إختلاف شرائحهم ومواقعهم نساء ورجالا، ليكونوا شركاء في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيرهم وبتنظيم شؤون دولتهم.
ومن منهج الديمقراطية الإجتماعية الإستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية لتحقيق تنمية مستدامة لمجتمع متحرر من الجهل والجوع والخوف، متحرر من الإكراه والخضوع ومن الإحتقانات التي تسببها الفوارق والامتيازات والتمييز، ومجتمع متحرر من الانقسامات والعصبيات، مجتمع المواطنة المتساوية حيث تكافأ القدرات والإبداع والعطاء دون إجحاف وحيث يكون للجميع الحقوق والقيمة نفسها بما يجسد المعنى الكامل لسيادة القانون والدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات.
والفكر الديمقراطي الإجتماعي ليس فكرا جامدا متصلبا، بل منفتحا يتطور مع الخبرة والتجارب ويتعدل ذاتيا بناء على المعطيات الواقعية وخصوصية كل بل أكان في دول العالم الثالث أو الدول المتقدمة، وفي ظل أنظمة ملكية أو جمهورية.
إن قيم الحرية وحقوق الإنسان والتنمية الثقافية والروحية والإبداع واحترام الخصوصية والتنوع ونبذ التمييز والعنف والتطرف وإعلاء شأن التضامن المجتمعي والتعاطف والوقوف مع الفئات الضعيفة والهشة والمهمشة، هي من صلب الفكر الديمقراطية الإجتماعية إلى جانب إقتصاد عادل ومتطور لايوجهه الربح فقط، والحوافز المادية الشخصية بل قيمة انسانية تحرص على تعميم الرفاه ومكاسب النمو والتنمية وتقليل الفوارق والفجوات الإجتماعية.
والدولة بمؤسساتها هي المنوط بها تحقيق التوازن والعدالة وتصويب الإختلالات ومنع التغول.
وفي الوقت الذي تحترم الحريات والتنافس والمكتسبات الخاصة وقوانين السوق والتجارة، فإنها تراقب القطاع الخاص وتعتبره المشغل الرئيس للعمالة والموارد البشرية، وأيضا تنمي القطاع العام وتوجه الموارد قدر الإمكان للإنفاق على الخدمات العامة من تعليم وصحة ونقل ورعاية اجتماعية وبنية تحتية، وتحقيق أفضل قدر من الرفاه للجميع.