حرية الضمير بين الجدل الفقهي السياسى القديم والمعاصر وإعاقات الواقع المتغيّر

بصراحة أود أن تشاركوننى حيرتى الفكرية، حول موضوع حرية الضمير الإسلام، الموضوع قديم من حيث تناوله فى الخطابات اللاهوتية (الفقهية) الإسلامية، وفى تاريخ علم الكلام – الفلسفة الإسلامية – تراث من الكتابات اللاهوتية التى عبرت عن المواقف العقائدية للفكر الدوغمائى dogmatiques لبعض المذاهب الإسلامية، من حيث الإقرار أو نفى حرية الضمير، والتحول الدينى الفردى من الإسلام إلى الأديان الأخرى أو إلى حالة عدم التدين.
سجالات لاهوتية كلاسيكية يعاد إنتاجها، وتبريرها فى مصر الحديثة، وعالمها العربى والبلدان الإسلامية، وذلك لأسباب سياسية واجتماعية محضة من قبل السلطات السياسية والمؤسسات الدينية الرسمية، والجماعات الإسلامية السياسية والراديكالية. كالإخوان المسلمين، والقاعدة، وداعش وتنظيم النصرة، وبوكو حرام والسلفيات الجهادية السياسية.
أنها حالة معاصرة للصراعات السياسية على الإسلام، وبه فى “الحياة السياسية” والاجتماعية والثقافية. إنتاج الجدل التاريخى حول حرية الضمير والتدين والاعتقاد، والتحول الدينى من الإسلام إلى غيره، وراءه عديد الأهداف، وذلك بقطع النظر عن مدى دقة التفسيرات اللاهوتية لمصادر الشريعة الإسلامية القرآن والسنة النبوية المشرفة، والتفسيرات المقدمة لحد الردة- وحرية الضمير وأن هذا الحد –الردة- لا يستند إلى نص قرأنى، ويعتمد القائلين بهذا الحد العقابى، على حديث آحاد ضعيف، ومشكوك فى مدى مصداقية قائله فى نظر بعض كبار الفقهاء القدامى والمحدثين.
من هنا بدأت الحيرة تجتاحنى هل من المفيد إعادة إنتاج هذا السجال الفقهى واللاهوتى القديم والحديث والمعاصر أمامكم، بدى لى أن هذا النمط من المقاربة اللاهوتية الكلاسيكية أو إنتاجها الفقهى المعاصر، لن يؤدى سوى إعادة طرح لأمور وجدالات معروفة فى الفقه الإسلامى، والأديان المقارنة.
من ثم سيشكل هذا المدخل مقاربة فقهية، وفق مصطلحات أصول الفقه الإسلامى والسؤال ما هو الجديد فى هذه المقاربة اللاهوتية، التى ستعتمد على عرض بعض الآيات القرآنية، ومدى إقرارها الصريح لحرية الضمير، والعقيدة والتدين؟ ثم ثانيا: تناول الحديث النبوى من بدل دينه فاقتلوه، وإثبات أنه حديث آحاد وضعيف. وهنا ثار تساؤل ما الجديد؟ بعد طول تفكير رأيت أن أفضل هذه المقاربات المنهجية هى التنظير المباشر لواقع الحرية الدينية، مع الأخذ بالاعتبار المقاربات الأخرى، وذلك على نحو يفيد فى الإجابة على الأسئلة التى طرحت على الباحث فى هذا الصدد.
فى البداية أود الإشارة إلى أن موضوع حرية الضمير والحريات الدينية معاصر، من حيث المعالجة الدستورية والقانونية السياسية والحقوقية. طرح إشكالية حرية الضمير حداثى بامتياز ارتبط ظهوره فى إطار القانون الدولى العام بصدور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، 1948 فى المادة 18 منه، ثم الفقرة الثانية من المادة 18 ثم المادة 19 الفقرة الثالثة من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.
بعد موافقة عديد من الدول العربية والإسلامية على الإعلان العالمى، والعهد الدولى، مع بعض التحفظات بخصوص الدين الإسلامى والشريعة كالسعودية، ظلت هذه الاتفاقات جزء من الالتزامات الدولية الشكلية، وتراكمت القيود على عديد من الحقوق والحريات العامة والشخصية لشعوب هذه البلدان، وبروز أشكال من القيود القانونية والسياسية، والثقافية الشعبية والدينية على حرية الفكر والتعبير السائد، والضمير، والتدين والاعتقاد، وممارسة الشعائر الدينية، هذا النمط من ثقافة القيود مصدره نمطى الدولة الشمولية والتسلطية الذى جاء مع الدولة الوطنية ما بعد الاستقلال وتوظيفاتها للإسلام فى السياسة، فى مواجهة بعض الجماعات الإسلامية السياسية. اعتمدت الأطراف المتصارعة على الإسلام وبه فى النزاعات السياسية الداخلية، والإقليمية، استنادًا على تأويلات لاهوتية/ فقهية متعددة، تم توظيفها سياسيا، وأيديولوجيا لحشد الجماهير الغفيرة، كل طرف لصالحه.
صراع التأويلات اللاهوتية والفقهية لم يقتصر فقط على العنف الرمزى والإيديولوجى، وإنما أمتد إلى العنف المادى والمسلح، من قبل الأنظمة السياسية التسلطية، أو من الجماعات الإسلامية السياسية جماعات الإخوان المسلمين، وحزب التحرير الإسلامى، وجماعة التكفير والهجرة -جماعة المسلمون- أو الجماعة الإسلامية والجهاد، والقطبيون فى مصر، وصولا إلى عنف هذه الجماعات الرمزى والإيديولوجى بعد الانتفاضة المصرية فى 25 يناير 2011 وما بعد. وقبلها القاعدة ثم تنظيم الخلافة الإسلامية داعش، والسلفيات الجهادية فى المنطقة المغاربية، وبوكو حرام.. الخ.
أحد أبرز ضحايا صراع التأويلات اللاهوتية، حرية الضمير والتدين والاعتقاد، الذى بات رهيناً للشمولية والتسلطية السياسية والدينية، وعنف الجماعات الإسلامية السياسية، والسلفية والراديكالية، ودعاة هذه الجماعات.
من هنا أصبحت حرية الضمير والتدين والاعتقاد محاصرة سياسيا وقانونيا والأخطر مجتمعياً، كنتاج لبعض أنماط التدين الشعبى السائدة، وتدهور أنماط الحياة اليومية، وتديين اللغة اليومية، وترييف ثقافة المدن، وبعض أجهزة الدولة واختراق الجماعات الإسلامية كالإخوان المسلمين والسلفيين لأجهزة الدولة فى مصر أساساً، وعديد من البلدان العربية، وخاصة بعد انهيار الدولة فى العراق وسيطرة المذهبية السياسية فى نظام ما بعد بريمر فى العراق، وانتشار الحروب الأهلية فى اليمن، والسودان، وليبيا.. الخ، والتوترات المذهبية الإسلامية فى البحرين، والسعودية.. الخ.
السؤال الأول:
The TheoLogical aspects of Conversion and apostasy- what the care of the question?
 الأبعاد اللاهوتية للتحول الدينى أو الردة apostasy ما هو جوهر السؤال؟
نتناول الرد على هذا السؤال فيما يلى:
أولا: ثنائية المقدس واللاهوتى وحرية الضمير والمعتقد.
ثانيا: الانتفاضات الجماهيرية ووصول الإخوان المسلمين والسلفيين إلى السلطة فى مصر: إكراهات الواقع المتغير
ثالثا: التحول الدينى: مشكلة وطنية أم مشكلة لاهوتية فى البلدان الإسلامية؟
رابعاً: هل الإسلام وحرية الضمير يتوافقان؟ نعم يتوافقان

أولا: ثنائية المقدس واللاهوتى وحرية الضمير والمعتقد: التراث الفقهى/ اللاهوتى الإسلامى المهمين على العقل الإسلامى النقلى الرسمى، والبنيات التأويلية حول المقدس والسنوى والسيرى فى التاريخ الإسلامى، هو أقرب إلى صراع التفسيرات والتأويلات السياسية والاجتماعية بين الأطراف والجماعات والطرق الإسلامية، ومذاهبها تاريخيا، منذ التأسيس الأموى والعباسى للمدونات التأسيسية للإسلام ونظامه العقيدى، وشرائعه ومبادئه الأساسية التى كتبت فى العصرين الأموى والعباسى، والتى من خلالها يتم التعرف على التفاسير المتعددة للقرآن الكريم، والسيرة والسنة النبوية المشرفة وتاريخ الإسلام.
هذا التراث الكتابى التأويلى حول الإسلام، يعاد إنتاجه، وشرحه عبر الزمن. من خلال المذاهب الدينية الكبرى السنة والشيعة، وداخل هذه الثنائية المذهبية، هناك مدارس فقهية لاهوتية متعددة، تعيد إنتاج مقولاتها الأساسية، وشروحاتها، وفق مدرسة الشرح على المتون والعنعنات، والاستثناءات التاريخية عديدة على هذا الاتجاه. من ناحية أخرى شكلت المدارس الفقهية تاريخياً، ولا تزال أهم الإنتاج العقلى الإسلامى، وتجاوز الفقه/ اللاهوت، علم الكلام الذى ساد فى الجدل، ومدارس الإسلاميين تاريخياً، ولم يتطور على النحو الذى كان يمكنه أن يرفد العقل الإسلامى الوضعى التاريخى بديناميات، ومفاهيم للتطور. من ناحية أخرى خضع علم الكلام/ الفلسفة الإسلامية، إلى الصراعات السياسية والمذهبية، وإلى السلطات السياسية التى تدخلت بحسم هذه الاختلافات السياسية، على نحو ما تم إزاء المعتزلة، والأشعرية والماتاردية. من هنا نستطيع القول أن قضايا الإيمان والكفر، والحلال والحرام، وحرية العقيدة والضمير، لم تكن قط مسألة دينية محضة، وإنما سياسية ومذهبية وصراعية، فى كل المراحل التاريخية، وحتى المرحلة التاريخية المعاصرة منذ نظام يوليو 1952 فى كافة مراحله، وحتى حكم الرئيسين الأسبقين السادات الذى تم اغتياله ومبارك، وإلى أعقاب الانتفاضة الجماهيرية فى 25 يناير 2011، والمراحل الانتقالية الثلاث، بما فيها حكم الإخوان والتحالف مع بعض الجماعات الإسلامية السياسية الراديكالية، والسلفيين، وصولا إلى أحداث 30 يونيو 2013، وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسى الإخوانى.

استخدامات سياسية ودينية ومذهبية لمفاهيم الكفر والردة والإيمان فى ثنائيات ضدية حادة، أى استخدام المفاهيم الفقهية اللاهوتية كجزء من الأسلحة الرمزية فى الصراع السياسى الدينى والمذهبى، وفى مواجهة السلطة السياسية الحاكمة، ومعها المفكرين، والمثقفين الأحرار، أو ذوى النزعة العلمانية المؤمنة أو الملحدة، أو تجاه الشيعة، أو الآخر الدينى المسيحى أو اليهودى أو الأديان الأخرى، أو الجماعات غير المؤمنة من اللا إدريين وفق المصطلح الفقهى، والملحدين.

حرية الضمير مفهوم حداثى ومعاصر، ويرتبط بالتطورات التاريخية والسياسية للدولة/ الأمة، ولا يزال وافداً ومستورداً، من التقاليد الغربية السياسية والحقوقية الدستورية والقانونية الغربية كجزء من الهندسات الدستورية والقانونية الغربية التى تم استعارتها فى أثناء بناء الدولة الحديثة فى مصر فى عهدى محمد على باشا الكبير، وأبنه إسماعيل باشا، ثم تطورت هذه الهندسات الإيطالية الفرنسية اللاتينية فى المرحلة شبه الليبرالية 1923-1952، ثم مع نظام يوليو 1952، وإلى الآن، من خلال النصوص الدستورية، والقانونية التى تقرر مبدأ حرية العقيدة الدينية، كمبدأ عام، ولكن تضع ضوابط على حرية الضمير والتدين والاعتقاد، والحق فى ممارسة الشعائر الدينية –أيا كانت الديانة والمذهب والعقيدة والطقوس.. الخ- هو جزء لا يتجزأ من الحقوق والحريات العامة والشخصية فى الدولة الديمقراطية الحديثة – الدولة / الأمة، ومن ثم العودة إلى البحث فى أصول دينية وعقائدية ومذهبية لمواقف الأنظمة الدينية الكبرى منها، هو محاولة لمعرفة العقبات العقائدية إزاء هذه الحريات والحقوق فى بعض المجتمعات غير الغربية، لاسيما الدول والمجتمعات ذات الأغلبية المسلمة من المسلمين، وتوجد بها مجموعات دينية أخرى، أو مجموعات لا إدرية، أو ملحدة أو متحولة دينيًا وتعانى من التمييز أو الاضطهاد أو العنف الرمزى أو السياسى أو الاجتماعى إزاء وجودها أو حقوقها الدستورية والقانونية فى إطار التعامل مع الدولة وأجهزتها، أو فى العلاقات الاجتماعية كمواطنين لهم من الحريات والحقوق الدستورية والقانونية، مع المواطنين الآخرين من الأغلبية المسلمة. ازدادت أهمية مسألة حرية الضمير فى ظل التوترات والنزاعات الطائفية فى منطقة الشرق الأوسط المتعدد والأديان والمذاهب، سواء فى ظل الأنظمة الشمولية، أو التسلطية، منذ عقد منتصف السبعينيات من القرن الماضى، وحتى اللحظة الراهنة، وفى ظل المخاطر التى هددت الوجود المسيحى فى المشرق العربى لاسيما فى لبنان أثناء الحرب الأهلية وما بعدها، وفى سوريا والعراق أثناء الحروب الأهلية، وإلى الآن، وفى السودان قبل انفصال جنوب السودان عن شمال فى ظل حزب المؤتمر الوطنى الإسلامى حتى سقوط حكم الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، ومع ذلك لا تزال هناك مشاكل تتعلق بالحرية الدينية فى بعض المناطق كولاية شمال كردفان.. الخ، والصراع بين أنماط التدين الشعبى الأفريقى السائدة فى إقليم دارفور، وبين التدين الشعبى السائد فى قبائل الوسط النيلى الحاكم للسودان منذ الاستقلال وإلى الآن.

تزايد الاستخدام السياسى لمفهوم التكفير الدينى من قبل غالبية الجماعات الإسلامية السياسية إزاء القوى والجماعات السياسية المدنية الأخرى، وضد النخب السياسية الحاكمة. سلاح رمزى استخدم، ولا يزال لنزع الشرعية السياسية والدينية عن بعض الأنظمة السياسية والنخب الحاكمة، وبعض من المفكرين والمثقفين المستقلين والليبراليين، واليساريين والقوميين العرب، والناصريين. التكفير أداة لنزع الشرعية عن أيديولوجيات، وأفكار، وآراء ومواقف بعض هذه المجموعات المختلفة فى محاولة لعزلهم من دائرة المسلمين المؤمنين، والتشكيك فى إيمانهم بقطع النظر عن أن غالبيتهم الساحقة الماحقة من المؤمنين بالإسلام كديانة، ويرفضون الربط الكلى بين الدولة والنظام والسياسة، وبين الدين ومنظوماته، وهندساته العقائدية والطقوسية.

استخدمت بعض الجماعات الإسلامية التكفير فى مواجهة خصومها السياسيين، وذلك كسلاح رمزى، وأداة للتعبئة الدينية والسياسية تجاههم، من خلال إقامة حواجز بين النخبة ونظام الحكم والمثقفين والسياسيين المدنيين، وبين الجماهير وأنماط تدينها الشعبى والفلكورى. تم توظيف ثنائية الكفر/ الإيمان كأداة للتجنيد السياسى للجماعات الإسلامية المتشددة فى مصر، من حزب التحرير الإسلامى، إلى جماعات الجهاد والجماعة الإسلامية، والقطبيين، واستخدامه من بعض رجال الدين الرسميين من الأزهر الشريف كالمشايخ محمد الغزالى، ومحمود المزروعى، ومحمد عمارة- خريج كلية دار العلوم والماركسى السابق- وبعض أساتذة جامعة الأزهر، ممن شكلوا ما سمى بجبهة علماء الأزهر، والذين أفتوا بكفر وقتل المثقف المصرى فرج فودة. تزايدت النزاعات التكفيرية فى تطور الجماعات السلفية الجهادية، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش، ضد المسلمين، والمسيحيين كما حدث مع قتل بعض الأقباط المصريين فى ليبيا.

أن نظرة على تاريخ الصراع التأويلى بين الفقهاء من المذاهب الإسلامية المختلفة حول التكفير وحد الردة، تشير إلى أنها صراعات ذات طبيعة سياسية واجتماعية ومذهبية وفقهية، لها ارتباطات بصراعات وسياقات وجماعات وغالبا على الشأن السياسى، والسلطانى، وبه على الدين وتأويله لصالح كل طرف متصارع من أجل الوثوب إلى السلطة الرمزية والسياسية.
كل طرف من المتصارعين يؤسس شرعيته الرمزية وإسلاميته التمامية على تأويله للنص المقدس أو السنة النبوية الشريفة.
أن نظرة على التراث الفقهى حول حرية العقيدة والتكفير والردة، تشير إلى سياقات وأسباب الصراعات التأويلية، وأهدافها، وذلك من خلال قراءة النصوص، وفق مصالح وأهواء كل طرف متصارع على الساحتين السياسية والفقهية. شكلت قراءة النصوص وتفسيرها وتأويلها استراتيجية لغوية وفقهية ترمى إلى استخلاص كل فقيه وجماعة السند الشرعى الذى يبرر مواقفه السياسية/ الدينية إزاء الخصم السياسى أو الجماعة التى يتنازع أو يتصارع معها.

أن النظرة إلى تاريخ هذا الصراع التأويلى حول شرعية الحرية الدينية، ومن ثم حرية الضمير الإنسانى، تشير إلى أن الموروث الفقهى حول التكفير والردة لا يعدو أن يكون وضعياً وبشريا بامتياز، وتأويل للنصوص التى لا يوجد بها نص يحرم حرية الضمير أو التدين أو الردة عن الإسلام، وذلك على النحو التالى:
1- القرآن الكريم –النص المؤسس للإيمان والاعتقاد الإسلامى المقدس- وردت به نصوص صريحة تؤكد على الحرية الدينية، وحرية الضمير، وذلك فى عديد السور والآيات( ). عديد السور القرآنية التى كرست للحرية الدينية. ومنها (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) (البقرة: 256).
2- (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) (المؤمنون:117)
3- يخاطب الله سبحانه وتعالى رسوله –صلى الله عليم وسلم0-(لست عليهم بمُصَيطر) “الغاشية:22).
4-(وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (الرعد: 40)
5- (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) “يونس:99”
فى هذا الصدد يذهب ثقاة الفقهاء “على أن حرية العقيدة فى القرآن أحيطت بسائر الضمانات القرآنية التى جعلت منها حرية مطلقة لا تحدها حدود ما دامت فى إطار حرية اختيار المعتقد، وأن الحساب عليها خاص بالله –جل شأنه- لا يجاوزه إلى سواه( ). هذه الآيات لاسيما أية “لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى” محكمات لا لبس فيها ولا تشابه ولا نسخ التى يحتج بها بعض دعاة حق الردة، ورد الطبرى على هذا الرأى بالقول: “وأنكروا أن يكون شئ منها منسوخاً. (2000) ولا معنى لقول من زعم أن الآية منسوخة الحكم بالأذن بالمحاربة”( ) ويذهب بعض الدعاة إلى القول: “أما فى الردة فلم تأت آيات تنص على عقوبة هذه الجريمة والارتداد عن الدين بأى شكل من أشكالها، سواء بتبديل الدين، أو ارتكاب فعل أو قول يدل على الخروج من الدين”( )
يأخذ بهذا الاتجاه عديد من الإصلاحيين الإسلاميين المحدثين والمعاصرين ومنهم الأساتذة والمشايخ عبد المتعال الصعيدى، ومحمود شلتوت، من علماء الأزهر، ومن تونس الأساتذة الباحثين محمد الطالبى( )، ومحمد الشرفى( )، وعبد المجيد الشرفى( )، وآمال قرامى( ) وعمار بن حمودة( )، وعديد من الباحثين الآخرين ومن مقاربات فقهية وتأويلية، أو من خلال المقاربات التاريخية والتحليلية واللسانية/ اللغوية للنصوص القرآنية وأسباب النزول، والمقارنات بين التأويلات المختلفة التى وردت فى كتابات الفقهاء والمفسرين والمؤرخين التى تعتمد عليهم أيديولوجيات الجماعات الإسلامية الراديكالية والجماعات السلفية والسلفيات الجهادية وبعض المتشددين من رجال الدين والدعاة، الذين يعتمدون على بعض هذه الآراء، لتبرير العنف والإرهاب، أو أشكال العنف اللفظى والمادى وتكفير المخالفين لهم فى الدين أو المذهب أو الرأى السياسى أو الفقهى.
2- لم يثبت لدى بعض الفقهاء الكبار أن الرسول (صلعم) أنه قتل مرتدا فى حياته أو أنه عاقب على الردة بالقتل، حيث ذهب الإمام الشوكانى (ت 1250 ه) فى موسوعته نيل الأوطار فى شرح منتقى الأخبار، إلى أن الأحاديث التى تنسب للرسول كلها ضعيفة السند( ) أو إلى حديث الأحاد”.
3- أن تاريخ الفقه والمذاهب الإسلامية السنية حول الحرية الدينية والردة، والتحول الدينى، هو تاريخ صراعات سياسية ومذهبية، ومن ثم كان الجدل الفقهى، فى الغالب هو الوجه الآخر للصراعات السياسية، وللمذاهب، والفقهاء فى علاقاتهم بالسلطة السياسية. من هنا كان استخدام التكفير للمخالفين فى الرأى أحد الأسلحة الرمزية فى المنازعات السياسية بين الجماعات المختلفة، ومن ثم يرى بعض الباحثين “أن التكفير ظاهرة تاريخية اعتمدها “أصحابها لفرض” “سلطتهم الرمزية على الآخرين، موظفين قوة المقدس الذى مكنهم من أن يجعلوا لآرائهم رافدا” “سماويًّ وحكمًا إلهيًّا لا اعتراض عليه، وذلك كان التكفير سلطة رمزية من أجل فرض الشرعية”، “وهو خطاب يعتمد آليات أيديولوجية للفرز والتصنيف، قد يقوى السلطتين الدينية والسياسية”، “ولكنه يمكنه أن يتحول إلى آلية تكفيك وتفريق، إذ إنّ الأطراف المتنازعة على الشرعية يمكن أن توظف التكفير لتستأثر بالمقدس وتحتكر خيراته” العقدية، لتقصى المختلفين عنها، وإن كان ذلك على أساس تبريرات دينية لخلافات” سياسية. والفرقة التى تعد نفسها ناجية تقوم باحتكار الشرعية الدينية والتأويل الرسمىّ للنصوص الدينية، وتتسم الفرق الأخرى بالكفر والإلحاد”.( )
4- شكل الصراع على السلطة الرمزية ومحاولة السيطرة عليها، جزءاً من بعض التقاليد الفقهية الموروثة فى تاريخ بعض المدارس الفقهية، وصولا إلى تاريخنا الحديث والمعاصر.
5- تم استخدام السلطة الرمزية والصراع السياسى عليها، واستخدام سلاح التكفير الدينى من بعض الجماعات الإسلامية السياسية، بعد إلغاء كمال أتاتورك نظام الخلافة العثمانية، وتم اتهامه بالردة والكفر، وإزاء بعض كبار المفكرين الإصلاحيين والليبراليين فى مصر، من أمثال طه حسين، وعلى عبد الرازق، واستمر هذا الاتجاه فى ظل ظاهرة الإسلام السياسى الممتدة، منذ حرب التحرير الإسلامى، وجماعة المسلمون الشهيرة إعلاميا بالتكفير والهجرة التى قتلت العالم الأزهرى الشيخ محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف الأسبق، والجماعة الإسلامية وقتل المثقف المصرى فرج فودة، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ الروائى الكبير، واتهامات عديدة بردة عديد من المثقفين والمفكرين، فى السودان تم إعدام المفكر السودانى محمود محمد طه فى عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميرى، وفى مصر تم تفريق نصر حامد أبو زيد عن زوجته بحكم قضائى لردته، وطالت الاتهامات عديدين مثل نوال السعداوى وسيد القمنى، وأسامة أنور عكاشة وآخرين.( )
استخدمت الجماعات الإسلامية السياسية الراديكالية، سلاح التكفير والردة كسلاح رمزى فى مواجهة خصومها السياسيين، وبعض المثقفين، وشمل التكفير العلمانية، والحكم بغير ما أنزل الله من أحكام القوانين والهندسات القانونية الوضعية الغربية، وهو نمط من تكفير الدولة الحديثة والأنظمة السياسية والقانونية، بدعوى عدم تطبيقها شرع الله أو مخالفتها له.

تم استخدام العنف المادى والرمزى المؤسس على فقه التكفير، والردة لأداء عديد من الوظائف السياسية، يمكن رصد بعضها فيما يلى:
1- السيطرة على عمليات تفسير وتأويل النصوص الدينية من خلال استراتيجيات الانتقاء والاجتزاء لبعض الآراء والتأويلات واعتبارها هى العقيدة والإيمان والشريعة، والآراء الأخرى يتم تركها وإهمالها ورفضها، وخاصة فى حرية الضمير والتدين والاعتقاد، والتحول الدينى.
2- استخدام أداة / سلاح التكفير فى التجنيد السياسى لعضوية هذه الجماعات.
3- التكفير أداة للتعبئة الدينية، والشحن الدينى لأعضاء هذه الجماعات، ولدى بعض قواعدها الجماهيرية.
4- التشكيك فى الشرعية الدينية والسياسية للدولة والنظام السياسى، والنخبة السياسية الحاكمة.
5- شرعنة وإضفاء الشرعية الدينية على عمليات العنف والإرهاب ضد الدولة والمخالفين للجماعات الإسلامية التكفيرية فى الرأى والاتجاه.
6- إشاعة مفهوم الفرقة الناجية من بين الفرق الإسلامية المختلفة، وهو ما يساعد على بناء التضامنات التنظيمية بين أعضاء هذه الجماعات داخلياً، وإزاء الآخرين من المسلمين.
7- انتزاع السلطة الدينية الرمزية من المؤسسة الدينية الرسمية –الأزهر الشريف ونظائره فى الدول العربية الأخرى- والتشكيك فى شرعية تمثيلها للإسلام بدعاوى أنها تمثل السلطة السياسية الحاكمة، وذلك فى محاولة لإضعاف مصداقيتها لدى المواطنين المسلمين.
– امتداد التكفير كظاهرة على الأديان والمذاهب الآخرى لدى بعض الغلاة، وذلك بهدف بناء الانقسامات، والحواجز على التفاعل الاجتماعى بين المواطنين ايا كانت دياناتهم.
9- تمدد التكفير وإسناده إلى بعض المذاهب الإسلامية كالمذهب الشيعى لدى بعض المتشددين من رجال الدين السنة، وذلك كجزء من عمليات الصراع السنى/ الشيعى الذى شكل مظلة مذهبية وفقهية للصراع الإقليمى بين السعودية ودول الخليج النفطية إزاء تمدد النفوذ الأقليمى الإيرانى فى العراق، وسوريا، ولبنان واليمن، ودعمها فى بعض الأوقات لجماعة حماس والجهاد الإسلامى فى قطاع غزة.
10- ساهمت الفضائيات الدينية العربية، ووسائل التواصل الاجتماعى فى ظهور بعض الدعاة السلفيين والمتشددين الذين يستخدمون التكفير والتشدد، فى إبداء آرائهم التأويلية حول بعض الوقائع الدينية الاجتماعية كالتحول الدينى أو الإلحاد، أو اللا أدرية.
هذا التشدد والتكفير إزاء ظواهر التحول الدينى أو الإلحاد واللا أدرية، يهدف إلى ذيوع وشهرة هؤلاء الدعاة فى الأسواق الدينية الوطنية والإقليمية والعولمية. ساهم التنافس بين هؤلاء الدعاة فى المزيد من العنف الرمزى واللفظى الدينى.

 ثانيًا: الانتفاضات الجماهيرية، ووصول الأخوان والسلفيين إلى السلطة: إكراهات الواقع المتغير:
أدت الانتفاضات الجماهيرية الواسعة عام 2011 فى تونس، ومصر، والاضطرابات الواسعة إلى وصول جماعة الأخوان المسلمين والسلفيين إلى السلطة فى مصر، وجماعة النهضة الإسلامية فى تونس. شكلت هذه المرحلة المضطربة من حكم الإسلاميين، عديد من الانتهاكات لحرية التدين والضمير فى مصر، من خلال نظام الحسبة العرفى الذى مارسه السلفيين على السلوك الاجتماعى فى المجال العام، وأدى إلى مقتل شاب كان يجلس مع خطيبته فى الطريق العام فى مدينة السويس، وإلى رمى أحد السلفيين لطفل من فوق سطوح منزل بالإسكندرية، وشهدت مصر اعتداءات من بعض هذه الجماعات على الأقباط ودور العبادة وحرمه بعضها، فى واحدة من أسوا الأزمات الطائفية فى التاريخ المصرى المعاصر. شمل الانتقال السياسى، تغيير الدستور المصرى عام 2012، ووضع بعض النصوص التى كان يمكن استخدامها لتغيير طبيعة الدولة ونظامها القانونى، ومن ثم أثر ذلك على حرية الضمير والتدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية.
أدى فشل الأخوان والإسلاميين، وممارساتهم السياسية المضطربة وغير الكفوءة، فضلًا عن محاولتهم بناء هندسة دينية تسيطر على السلوك الاجتماعى، والدينى، وفى تديين وأسلمه الحياة العامة- المجال العام- والمجال الخاص، من خلال فرض القيود على المرأة، عبر نظام الزى systeme de mode والحجاب، والنقاب، واعتبارهما من الفرائض الدينية، ليس جزءًا من عادات السلوك الاجتماعى، أو الأخلاق الدينية.
أدت هذه الظواهر إلى انتفاضات مليونية، ساهمت فى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى وجماعة الأخوان المسلمين، وتغير تركيبة السلطة السياسية الحاكمة بعد مرحلة انتقالية، وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية.
لا شك أن تجربة الإسلاميين فى السلطة وفشلهم فى إدارة الدولة والنظام السياسى، والضغوط والعنف الذى مارسوه على المواطنين ايا كانت دياناتهم أدت إلى عديد من الظواهر الجديدة 
يمكن رصدها فيما يلى:

1- شيوع الإحساس لدى بعض من شرائح جيليه من الطبقة الوسطى – الوسطى بفشل المشروع الإسلامى السياسى، وعدم قدرة الإسلاميين السياسيين وجماعاتهم على مواكبة تحولات عصرنا.
2- تزايد القلق والشك لدى بعض الأفراد فى بعض الآراء والأفكار الدينية التى كانت تروجها بعض هذه الجماعات، لاسيما الأفكار العقائدية والفقهية والتأويلية التكفيرية والمتشددة، وأنها تشكل قيدًا على حياتهم.
3- بعض الأفراد من جيل الشباب القلق بدأ يطرح تساؤلات دينية حول العقائد والقواعد الشرعية، ولا يجد إجابات حولها من رجال الدين الرسميين، والدعاة، والسلفيين، على نحو أدى إلى أثارة شكوك بعضهم، واتجاه بعضهم إلى اللامبالاة الدينية.
4- ساهمت بعض الفضائيات التلفازية الدينية، وبرامج بعض رجال الدين المسيحيين، فى السجال والصراع حول العقائد الدينية، وهو ما اجتذب قلة من الشباب المسلم، وأدى ذلك إلى التحول الدينى إلى المسيحية، وهى إعداد غير معروفة، لأنها تتم سرًا.
5- إعداد المتحولين إلى المسيحية –بمذاهبها لاسيما الكاثوليكية والبروتستانتية- لا توجد إحصائيات عنها لا رسمية أو عرفية.
6- ظاهرة التحول الدينى للمسيحية من الإسلام تزايدت نسبيا وعلى نحو محدود فى بعض الآراء على الرغم من عدم معرفة الأعداد، منذ ما قبل 25 يناير 2011، وذلك لأسباب عديدة يمكن رصد بعضها فيما يلى:
(1) القلق وعدم اليقين الدينى لدى قلة قليلة جدًا من بعض الشباب المثقف الذى لم يجد استقرارًا عقائديا، وإيمانيا فى إطار التقاليد الدينية الموروثة، ويطرح أسئلة، ولا يجد إجابات عليها فى الخطابات الدينية التقليدية السائدة، أو داخل الأسرة، أو المسجد، أو جماعات الرفاق.
(2) البطالة، والرغبة من الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا، واستراليا ونيوزيلندا وذلك من خلال التحول الدينى إلى المسيحية، ومن ثم اللجوء إلى التحول الدينى كجسر للهجرة الآمنة، وبعض هؤلاء استخدام ذلك منذ عقود للهجرة ثم عاد إلى الديانة الإسلامية بعد استقرار أوضاعة الاقتصادية، والتنقل من  بلد أوروبى إلى آخر، وبعضهم انتزع معه أطفاله من أمهاتهم.
(3) التحول الدينى من بعض الأشخاص بهدف المساعدة الاقتصادية، ثم السعى إلى الهجرة خارج البلاد.
(4) نظرًا للأسباب البرجماتية الاقتصادية، وحلم الهجرة فى ظل القيود المفروضة على السفر والهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة –بعد أحداث 11 سبتمبر، والعمليات الإرهابية للقاعدة وداعش-، بدأت بعض الكنائس فى التريث والتيقن من أن مدعى السعى إلى التحول الدينى يستهدف التحول الحقيقى إلى الإيمان المسيحى، وليس بهدف العبور من خلال الكنيسة إلى خارج البلاد.
(5) لا شك أن عمليات العبور والتحول الدينى تتم فى سرية، وذلك على الرغم من أن الدستور المصرى يقر بحرية التدين والاعتقاد فى المادة رقم (64) التى تنص على أن “حرية الاعتقاد مطلقة”. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون.
المادة (2) تنص على أن ” لإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
المادة (3) تنص على أن “مبادئ شرائع المصريين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
(6) يلاحظ أن مبدأ حرية الاعتقاد مطلقة عام، لكنه مقيد باعتراف المشروع الدستورى بالأديان السماوية الثلاث، الإسلام، المسيحية، واليهودية. أحال الدستور الحق فى ممارسة الشعائر الدينية لأصحاب الأديان الثلاث وتنظيمها إلى القانون.
من هنا لا يعترف الدستور والقانون المصرى بالأديان والعقائد الأخرى، التى تخرج عن نطاق الأديان السماوية الثلاث. من هنا لا يوجد اعتراف بالبابيين والبهائيين والقاديانيين( )، وهناك أحكام قضائية صادرة من قضاء مجلس الدولة المصرى، بحظر نشاط البهائيين فى مصر، وذلك منذ عديد العقود فى القرن الماضى، وبعضهم عاد للظهور العلنى النسبى خلال أحداث الانتفاضة الجماهيرية فى 25 يناير 2011، ثم تراجعوا فى ظل حكم الأخوان والسلفيين.
7- لا شك أن الضوابط الدستورية، والقانونية، تضع إطارًا وحدودًا لممارسة حرية الضمير والتدين والاعتقاد، وعلى التحول الدينى من ديانة لآخرى، كالتحول من المسيحية إلى الإسلام ثم العودة إلى الديانة المسيحية، ورغم صدور بعض الأحكام القضائية بإثبات العودة من الإسلام إلى المسيحية إلا أن، صدرت أحكام لاحقة بوقف هذا الإثبات فى البطاقات الشخصية( ).
8- أن التحول الدينى لا يقتصر على العبور أو الانتقال من الديانة الإسلامية إلى المسيحية، وإنما من المسيحية للإسلام، وذلك لعديد من الأسباب وعلى رأسها مشكلات الطلاق أمام المحاكم الكنسية، نظرًا لحظر الكنيسة الأرثوذكسية الطلاق لعلة الزنا، ووضع قيود ثقيلة عل الإجراءات، على نحو يدفع بعض الأزواج إلى تغيير الديانة.
هناك دوافع شخصية ضاغطة على بعض المواطنين المسيحيين ذكور وإناث تؤدى إلى التحول للإسلام من أجل الزواج وتكوين أسرة، أو بعض القلق الدينى الفردى، الذى قد يؤدى إلى اعتناق بعضهم للديانة الإسلامية.
9- يلاحظ أن القنوات الفضائية المفتوحة بلا حدود، وفى ظل الثورة الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعى، والحريات التى لا حدود لها فى المجال العام الإفتراضى، أدت إلى السجالات الدينية، والنقدية على نحو أتاح الفرص أمام بعض الشباب، للتعرف على مقارنات الأديان، وتشكلاتها التاريخية من خلال نظمها اللاهوتية والفقهية والكلامية والفلسفية وشروحها وتأويلاتها، ومن ثم المقارنة بينها، وبين تدينها الموروث، وبعض هؤلاء الأفراد يتحول إلى بعض هذه الديانات السماوية، أو غيرها من الأديان الأخرى كالبوذية وغيرها.
10- تزايدت نسبيا –رغم قلة الأعداد- بعض أعداد الأفراد الشباب من الطبقات الوسطى – الوسطى، والوسطى – الصغيرة من الذين انتقلوا من التدين الموروث بالميلاد وداخل الانتماء الدينى الأسرى إلى عدم التدين، أو الإلحاد، وذلك كرد فعل على بعض أنماط الإرهاب والعنف الدينى المادى واللفظى والرمزى أو لتقليدية الخطاب الدينى المسيطر، أو قيود المؤسسة الدينية المسيحية وتقاليدها.
هذه الظاهرة الإلحادية، غير مرصود أعدادها إلا أن بعض المؤشرات تشير إلى أنها تزايدت نسبيًا دون مبالغات مقصودة من بعضهم، وذلك لعديد الأسباب، ومنها:
أ- التشكيك من بعض رجال الدين الغلاة أو بعض الملاحدة وبعض الباحثين فى التاريخ الإسلامى فى بعض السرديات التأسيسية للأديان، وذلك على بعض المواقع الإلحادية، من خلال البحث فى تاريخية الأديان، والمقارنات بين الأديان ما قبل السماوية، والسماوية. هذا النمط من الدراسات التاريخية المقارنة، انتقل من مجال البحث التاريخى فى الدراسات التاريخية المقارنة، الأكاديمية واللاهوتية المتخصصة إلى مجال الدعاية والجهر والخطاب الدينى النقدى للأديان على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال التبسيط الشفاهى أو عبر خطاب التغريدات، والمنشورات posts من نصوص أو صور أو فيديو أو رابط.
ب- تزايد المواقع الإلحادية وشبكاتها العابرة للأوطان والأقاليم، وأصبحت على نحو كونى.
ج-  بعض من ظاهرة الجهر بالإلحاد، دعمتها الثورة الرقمية، وأشكال التضامن وآليات المناصرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بين الشبكات الإلحادية.
د- هناك ظاهرة الإلحاد الصامت –وفق تعبير آمال قرامى- داخل المجتمعات الإسلامية، وفى الأوساط الاجتماعية المتدينة –الإسلامية والمسيحية-، وهى لا تزال مستمرة، لأن بعض الملحدين لا يريدون أن يظهروا إلحادهم وعدم تدينهم، حتى لا يتعرضوا للأذى أو الاعتداء عليهم، أسريا، أو من جماعات الرفاق، أو الجيران، أو زملاء العمل أو الجمهور.
ه- هناك ما تسميه أمال قرامى الردة الصامتة، أو اللامبالاة الدينية، وتصفها بأنها أطرف صورة من صور الارتداد المعاصر ( ).
و- تزايد اللا أدريين فى بعض المجتمعات العربية ذات النظم الطائفية والمذهبية السياسية، وذلك كنتاج لانتشار احتقانات الطائفية الدينية والمذهبية كما فى المثال اللبنانى.
هذه الظواهر الجديدة تشير إلى ديناميات جديدة فى الواقع الاجتماعى فى مصر والمنطقة، تتصارع فيه بعض أنماط التدين الشعبية الموروثة، والسلطات الدينية الرسمية، وبعض الجماعات الإسلامية السياسية، والدولة والنظام والنخبة السياسية فى الصراع على السلطة الرمزية، وتوظيفها فى الضبط الاجتماعى والدينى والسياسى والقانونى على حرية الضمير والتدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وتغيرات مضادة نحو العبور والتحول الدينى، أو إلى اللا تدين فى شكله الإلحادى، أو الانتقال من ديانة لآخرى والعودة إليها مجددًا، أو اللا إدرية. من ناحية آخرى تساهم بعض الظواهر السابقة على تحريك ديناميات جديدة للعلمنة من أسفل.
خلاصة ما سبق أن لُب السؤال أن الأبعاد الفقهية/ اللاهوتية لحرية الضمير هى أداة من أدوات الصرع على السلطة الرمزية الدينية فى الصراعات والتفاعلات السياسية والسلطوية بين أطراف متصارعة. من ثم هى صراع تأويلات دينية فى الإسلام السنى والشيعى، ذو أساس سياسى واجتماعى، يعاد إنتاجه وتفسيره من خلال التأويلات الوضعية الفقهية/ اللاهوتية.

ثالثًا: التحول الدينى مشكلة وطنية أم مشكلة لاهوتية فى البلدان الإسلامية؟
السؤال المطروح هل التحول الدينى مشكلة وطنية أم مشكلة لاهوتية فى البلدان الإسلامية؟
فى ضوء غياب الاحصائيات الدقيقة رسمية أو عرفية، تبدو الإجابة على هذا السؤال انطباعية، خاصة فى ظل غياب دراسات امبيريقية حول ظاهرة التحول الدينى – أيا كانت من الإسلام إلى المسيحية أو من المسيحية إلى الإسلام أو إلى غيرهما من الأديان الآخرى-، وذلك لمعرفة التضاريس الاجتماعية والتعليمية والمناطقية لهذا النمط من المتحولين الدينيين، من حيث انتماءاتهم الطبقية، والمناطقية، والتعليمية، ووظائفهم، وحالاتهم الاجتماعية، ونوعهم الاجتماعى ذكور/ إناث، وأسباب ودوافع تحولهم الدينى.
هل الظاهرة فى حالة نمو وأسبابه أن وجدت، أم لا تزال ظاهرة أفراد محدودة؟! نحن إزاء مشكلة لا تزال محدودة فى ضوء المؤشرات المتاحة، ومن ثم لا نستطيع القول إنها مشكلة وطنية مثلها مثل الكثير من المشكلات السياسية أو الدينية كالجماعات الإسلامية الراديكالية، أو المشكلات الاقتصادية الهيكلية المتفاقمة، أو البطالة، وعد القدرة على الزواج، أو الإسكان، أو الصحة أو التعليم أو الثقافة، أو بعض أنماط التدين الشكلى السائد بين الجمهور العادى، والتى تنطوى على الازدواجية، والشكلانية والاستعراض الدينى الطقوسى، والنفاق الاجتماعى، ومحاولة بناء بعضهم للمكانة من خلال التشدد الدينى، أو الاستعراض السلوكى الدينى فى لغة الخطاب اليومى، أو عبر اللغة الدينية، والزى. هى مشكلة عديد من الأفراد –أيا كانت أسبابهم اقتصادية – واجتماعية، أو مشكلة الضمير الفردى القلق الساعى إلى البحث عن إيمان يخالف الإيمان والعقائد الموروثة، وغالبًا ما يكون غالب هذا النمط من العابرين يبين الأديان والمذاهب، أو المتحولين دينيًا على درجة من التعليم والوعى والمعرفة، والتفكير الذى يجعلهم، يدرسون أسس عقائدهم الموروثة، ويطرحون على أنفسهم الأسئلة بحثًا عن إجابات قد لا يجدونها فى الخطابات الدينية والتأويلية التقليدية السائدة حول معتقداتهم وشرائعهم الدينية، ويسعون إلى البحث عن إيمان ويقين فى دين أو عقائد أو مذاهب آخرى.
التحول الدينى ينطوى على مشكلة فردية تتعلق بالإيمان الفردى، وبعضها له علاقة بالأوضاع الاقتصادية، والرغبة فى الهجرة، أو الزواج بزوج مختلف دينيًا، ويشترط اتخاذ الديانة أو المذهب، لإتمام الزواج، أو لأن قانون الدولة للأحوال الشخصية يشترط ذلك.
من ناحية ثانية: التحول الدينى هو فى أحد إبعاده يشكل مشكلة وطنية فى بعض الدول العربية، وذلك، للقيود الدستورية أو القانونية المفروضة فى بعض التشريعات على التحول الدينى، من حيث أثارة القانونية، ومنها خانة الدين من الأوراق الثبوتية كجواز السفر، أو البطاقة الشخصية، وشهادة الميلاد، أو تصاريح العمل… إلخ. توثيق بعض الأوراق الرسمية..إلخ. 
من ناحية ثالثة: أثر التحول الدينى على الأسرة واستمراريتها فى ظل نصوص قوانين الأحوال الشخصية، أو توثيق الزواج بين المختلفين دينيًا، أو من الأديان لا يعترف بها الدستور والقانون كالبهائية مثلا،…الخ.
من ناحية رابعة: التحول الدينى قد يمثل فى بعض الأحيان مشكلة وطنية، لأنها تثير بعض من التوترات الطائفية، كما حدث فى عديد المرات فى المجتمع المصرى.
من ناحية خامسة: يمثل مشكلة وطنية، لأنه يؤدى إلى نزاعات دينية، مع الجماعات الإسلامية السياسية، المتصارعة مع النخبة الحاكمة، التى يتم إتهامها بالتقاعس عن مواجهة الارتداد الدينى والتشكيك فى الشرعية الدينية والسياسية للحكم.
التحول الدينى فى أحد أبعاده مشكلة لاهوتية، من خلال استخدام الجماعات الإسلامية، والمؤسسة الدينية الرسمية، خطاب الردة/ التكفير التقليدى فى التجنيد والتعبئة والصراع السياسى مع الدولة والقوى السياسية الأخرى.
يشكل التحول الدينى مشكلة لاهوتية، لأسباب سياسية، وإيديولوجية، وليس لأسباب عقائدية أساسية فى الأصول الإسلامية المقدسة والشريعية.

رابعًا: هل الإسلام وحرية الضمير يتوافقان: نعم يتوافقان
هل يمكن للاهوتيين فى البلاد الغربية تطوير وجهات نظر؟ 
أشرنا فى القسم الأول من الدراسة أن ثمة توافق بين الإسلام وحرية الضمير والتحول الدينى، وذلك وفق المصادر الإسلامية، وأراء بعض كبار الفقهاء فى هذا الصدد من القدامى والمعاصرين، وأن ما يثيرون التناقض بين الإسلام وحرية الضمير والتدين والاعتقاد، يعتمدون على حديث ضعيف، ومن ثم يرون أن حرية الضمير فى الإسلام مكفولة تماما.
التوافق بين الإسلام وحرية الضمير أمامه بعض العوائق مصدرها الدوجماتية العقائدية لبعض الجماعات الإسلامية المتطرفة، وبعض الدعاة المتشددين، الذين يريدون ويدعون إلى بناء دولة دينية، وفى ذات الوقت ثقافة التكفير الدينى لدى هذه الجماعات. من ناحية أخرى بعض أنماط التدين الشائعة  لدى بعض الأوساط الاجتماعية، فى ظل صعود الإسلام السياسى والفكر الحنبلى والوهابى السائد فى إقليم النفط، بعد هجرة العمالة المصرية والعربية للعمل فى هذه البلدان وتأثير بعضهم بأنماط التدين البدوى والصحراوى السائدة فى البيئات الاجتماعية هناك، وتمدد دور دول إقليم النفط فى السياسة والإعلام، ووسط بعض الدعاة ورجال الدين. ثمة بعض الضوابط الدستورية والقانونية على حرية التدين وممارسة الشعائر الدينية، وقصرها فى إطار الأديان السماوية الثلاث.
بالطبع يمكن للاهوتيين فى البلاد الغربية تطوير وجهات نظر فى هذا الإطار، وذلك من خلال المساهمة فى الدراسات التاريخية الخاصة بالكتابات الفقهية التأسيسية، وهو ما قام به بعض الباحثين الغربيين المتخصصين. من ناحية أخرى التركيز على مقررات الفاتيكان الثانى، وانفتاحها على الأديان، والمذاهب الأخرى خارج نطاق الكاثوليكية.
التركيز على المشتركات فى القيم الدينية الكونية العابرة للأديان جميعها السماوية وغيرها، وذلك كقيم التعايش الأنسانى المشترك، حول رب العزة جل جلاله وعلَّة قدرته وشأنه، خالق الكون والبشر أجمعين. المساعدة على الاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات فى إطار قيم ومبادئ المواطنة والحريات الدينية. دعم تطور الأفكار الحديثة والديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
السؤال الرابع: هل بيانات حرية الاختيار الفرد للدين أمر مرغوب على المدى البعيد أم يبشر بانفتاح جديد للإسلام؟: الحركة نحو الانفتاح النسبى
هذا النمط من البيانات حول الأخوة الإنسانية والتعايش المشترك، تزايد فى العقود الأخيرة، كنتاج لتمدد ثقافة حقوق الإنسان بأحبالها المتعددة، ووثائقها الدولية، وللثورة المرئية التلفازية والرقمية ووسائل التواصل الاجتماعى، وانفتاح الأجيال الجديدة الشابة على ثقافات وأديان العالم.
لاشك أن هذا التحول الرقمى، والأتصالى، يلعب دورًا فى الانفتاح الثقافى النسبى فى المجتمعات العربية والإسلامية. من هنا تشكل الحوارات الدينية جسرًا للفهم المشترك. من ناحية ثانية: لا تزال هذه الوثائق والبيانات الحوارية محدودة التأثير على أنماط التدين الشعبى السائدة ومحمولاتها المختلفة، إزاء الأديان والمذاهب الآخرى. من ناحية ثالثة: الدور السلبى الذى يمارسه بعض رجال الدين المتشددين فى التشكيك وتجريح الأديان والمذاهب الآخرى على نحو يؤدى إلى نقل هذا التشكيك والنقد إلى قطاعات من المؤمنين بهذا الدين أو المذهب أو ذاك. من ناحية رابعة: ردود فعل المؤسسات الدينية الرسمية العربية إزاء بعض ظواهر التبشير والتحول الدينى والإلحاد، والتى تميل إلى التشدد ونقد الآخر الدينى فى عقائده وفى مواجهة بعض خطابات التشكيل المسيحى فى العقائد الإسلامية. من ناحية خامسة: أن البيانات الرسمية بين المؤسسات الدينية الرسمية الإسلامية والمسيحية، تظل رهينة قياداتها العليا، وترتهن بالعلاقات بين هذه القيادات بعضها بعضًا على المستوى الرسمى. بعض هذه البيانات هى جزء من بعض محترفى حوار الأديان على المستوى الكونى والأقليمى، دون أن يكون لها تأثير على قطاعات اجتماعية واسعة أو محدودة. وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمى والعيش المشترك بين الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية الجامعة، هى واحدة من البيانات والوثائق الدولية الهامة، وخاصة فى إقرارها “أن الحرية حق لكل إنسان” اعتقادا وفكر وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف فى الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلًا ثابتًا تتفرعه عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محدودة، أو فرض أسلوب حضارى لا يقبله الآخر. وغيرها من القيم والحريات الدينية والإنسانية المشتركة كما ورد بالوثيقة. الملاحظ أن هذه الوثيقة، تحتاج مثل غيرها إلى تفعيلها فى واقع المجتمعات العربية والإسلامية، من خلال آليات متعددة، على رأسها: عمل أدلة لتدريب الدعاة، من خلال ورش العمل، وتحويل بعض ما جاء بها إلى جزء من الثقافة الوطنية فى التعليم فى مراحله المختلفة، فى إطار قيم ومبادئ المواطنة والمساواة بين المواطنين، وفى تدريب الإعلاميين فى الإعلام التقليدى، والرقمى، وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعى.
أن التوقيع على الوثائق( ) أيا كانت أهمية ما جاء بها، دون خطط للعمل فى عديد المجالات، يؤدى إلى اقتصار أهميتها على مجرد التوقيع عليها. لا شك أن هناك تحديات تواجه المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية، فى عالمنا العربى، وهناك اهتمام من السلطات الحاكمة بضرورة تطوير الخطاب الدينى كما هو الوضع فى مصر، ومطالبات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطاباته السياسية المختلفة بضرورة التطوير والتجديد والإصلاح الدينى، وهناك بعض من المؤشرات الأولية على الاستجابة النسبية الأولية، مع بعض التحفظات النسبية، التى تعود إلى الإسلاموفوبيا وظواهر الهجوم على الديانة، الإسلامية من بعض رجال الدين المسيحيين وتشكيك بعض الباحثين فى بعض السرديات التأسيسية للديانة، وخاصة السنة النبوية الشريفة والإمام البخارى.  

زر الذهاب إلى الأعلى