البيان الأمريكي حول نية حماس انتهاك الاتفاق: قراءة في الدلالات السياسية ومقاربات المرحلة

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية في 18 أكتوبر 2025 بيانًا تحذيريًا[1] أكدت فيه تلقيها “تقارير موثقة” تفيد بعزم حركة حماس تنفيذ “هجوم وشيك” على مدنيين فلسطينيين داخل القطاع، معتبرةً ذلك “انتهاكًا مباشرًا وجسيمًا” لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، مع إبلاغ الدول الضامنة له بذلك، مشيرة إلى اتخاذ تدابير لحماية المدنيين والحفاظ على الهدنة ” إذ شرعت حماس بالهجوم”. من جانبها، رفضت حركة حماس البيان واعتبرته”ادعاءات باطلة” تنسجم مع الرواية الإسرائيلية وتوفر غطاء لاستمرار العدوان، مطالبة واشنطن بِمنع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للاتفاق[2].
تقدم هذه الورقة قراءة في دوافع البيان وسياقه ودلالاته، انطلاقًا من صيغته الخطابية التي يبدو أنها تتجاوز طابع التحذير الاستخباراتي إلى بلورة معايير جديدة لتقييم خرق الاتفاق وإعادة صياغة الشرعية السياسية والأمنية في القطاع بما يتوافق مع الأهداف الإسرائيلية.
توقيت البيان وسياقه
جاء البيان الأمريكي عقب تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق التي شملت تبادل الأسرى ووقف العمليات العسكرية الواسعة مع إعادة تموضع القوات الإسرائيلية داخل القطاع، وبالتزامن مع إعلان واشنطن بدء المرحلة الثانية منه، والمتصلة بقضايا نزع السلاح والحكم البديل. ويثير هذا التزامن تساؤلات حول مقصديّة توقيت البيان الصادر ما بعد العدوان العسكري المباشر، في لحظة انتقال الصراع –ظاهريًا- من الطابع العسكري إلى المسارات السياسية، وبما يوحي بمحاولة تأطير المجتمع الغزّي كطرف مهدَّد من قِبل الحركة.
كما تزامن البيان مع انتهاء مهلة حركة حماس لتسليم “أفراد العصابات” أنفسهم في 19 أكتوبر، والتي أعلنتها عنها وزارة الداخلية من دخول الاتفاق حيز التنفيذ. حيث شهد القطاع غزّة في تلك الفترة مواجهات مباشرة بين الحركة وتشكيلات مسلّحة محلية تُتّهم بالتعاون مع إسرائيل، بهدف استعادة السيطرة والأمن الداخلي بعد الحرب. وقد رصدت عدّة تقارير عمليات اعتقال وتصفيات نفذتها أجهزة حماس بتهم العمالة والاعتداء على النازحين والسيطرة على المساعدات الإنسانية.
وعليه، يعكس هذا السياق طبيعة المشهد الأمني والسياسي الذي يواجه القطاع بعد وقف العمليات المفتوحة، والذي يجعل من المواجهات الداخلية -وإن كانت بهدف إدارة الأمن الداخلي- معيارًا جديدًا للمواجهة ما بين الحركة وإسرائيل، وتشكيل سردية شرعية يعاد من خلالها تقييم مواقف الفاعلين بما يربط إدارة الأمن -من وجهة نظر الحركة- بحماية المدنيين وضوابط تطبيق الاتفاق. وذلك ما يفسر توقيت إصدار البيان ويربط مباشرة بين المشهد الداخلي وإشارات واشنطن في بيانها، الذي يبدو أنه يتجاوز وصفه بالتنبيه الاستخباراتي إلى اعتباره خطاب لرسم حدود سلوك الحركة ومواجهته بربط كل منهما بمعايير دولية واضحة.
كيف نقرأ البيان وغاياته؟
يعكس البيان تحولًا في الخطاب السياسي والدبلوماسي تجاه القطاع. فعلى المستوى الخطابي، استخدم البيان لغة غير تقليدية بالإشارة إلى “هجوم وشيك ضد مدنيين فلسطينيين” بدلًا من الحديث عن تهديدٍ لإسرائيل، في سابقةٍ تشير إلى إعادة تعريف واشنطن للعدو بتصوير الحركة كمصدر تهديد للفلسطينيين أنفسهم أيضًا، في خطوة يبدو أنها تهدف إلى إضعاف شرعية الحركة داخليًا ودوليًا بإعادة تشكيل صورتها بعد أن اكتسبت تضامنًا على حساب زيادة العزلة الدولية لإسرائيل؛ تمهيدًا لتغيير إدارة القطاع عبر بناء خطاب جديد ينوّع من مبررات التدخل الخارجي في القطاع تحت شعار حماية المدنيين من الحركة.
سياسيًا واستراتيجيًا، تزامن البيان مع التوجه ببدء المرحلة الثانية من الاتفاق التي تحمل الكثير من مؤشرات التعثر في قضاياها وبنودها، وكأن واشنطن تبعث برسائل مزدوجة بشأن ذلك؛ إذ تؤكد دورها كضامن أعلى للتهدئة ومراقبة تنفيذ الاتفاق، وفي الوقت نفسه تهيئ الرأي العام لتحميل الحركة مسؤولية أي انهيار محتمل، وهو ما قد يمنح إسرائيل غطاءً دبلوماسيًا وعسكريًا للتحرك بحجة حماية المدنيين بوصفه خرقًا للهدنة.
أما وظيفيًا، يُمثل البيان أداة ضغط تفاوضي على الحركة عبر بُعدين متداخلين؛ الأول إعلامي وأخلاقي بتصويرها كمعتدية على شعبها بما يضعف تعاطف أي قوى إقليمية ودولية معها؛ والثاني إقليمي عبر إرسال رسالة ضمنية إلى الوسطاء الضامنين (مصر وقطر وتركيا) بأن واشنطن تراقب أي إخلال بالاتفاق لتبرير أي تشديدات أو تحركات لاحقة وزيادة الضغط على الحركة لتقديم تنازلات بما تبقى من قضايا تفاوضية، وهو ما يضمن بالمحصلة سرعة تحقيق مطالب إسرائيل وأهداف الحرب المتبقية والمتفق عليها مع واشنطن كنزع السلاح.
كما يعكس البيان مسعى واشنطن لإعادة معايير الشرعية السياسية والعسكرية في غزة بعد وقف الحرب بصورتها الشاملة، وإخضاع إدارة ما بعدها لمنطق الضامن الدولي؛ حيث أن إحدى أوجه قراءة مضمون البيان تتمثل في تحويل معايير الشرعية على المستويين؛ العسكري ما بين حماس وإسرائيل بتوسيع محددات الاشتباك بينهما، والسياسي المحلي ما بين حماس والتشكيلات المسلّحة الجديدة. ففي هذه الأخيرة تحويل في المعيار من السيطرة والنفوذ والتمثيل الحزبي إلى معيار “حماية المدنيين”. وهذا يحليلنا للتساؤل ما إذا كان الخطاب يمنح من يُقدم نفسه كحامٍ لحقوق المدنيين في مواجهته للحركة داخليًا، هامشًا من الشراكة الشرعية –بالنسبة لإسرائيل وواشنطن- لدورٍ ما في إدارة القطاع في مرحلة انتقالية، مقابل مساءلة حماس أمام المجتمع الدولي عن سلوكها تجاه شعبها أيضًا.
كذلك يمنح الغموض في تفاصيل “التقارير الاستخباراتية” واشنطن نفوذًا رمزيًا إضافيًا يسمح لها بالضغط على الحركة والوسطاء، إلى جانب احتمال سعيها عبر البيان إلى توظيف قنوات الضامنين والوسطاء في إدارة الملف لتجنّب الإجراء الأحادي، مع تأكيد احتفاظها بخيار التحرك المنفرد ومبرراته عند الحاجة.
وفي المحصلة، يتقاطع البيان مع بنود خطة ترامب حول إنشاء آليات إشراف دولي على القطاع ضمن متطلبات تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، ما يُفهم أنّ جزءًا من هدف نزع السلاح إما بتدخل عسكري مباشر أو من خلال عمليات سياسية وإدارية تتولى تقويضه -على أقل تقدير-.
بين جنوب سوريا وجنوب لبنان: البيان الأميركي كخارطة لإدارة غزة ما بعد الحرب الشاملة
يتيح لنا البيان الأمريكي استحضار تجربتيين إقليميتين متقاربتين في منطق الخطاب والدلالة، تظهران كيف يمكن توظيف غطاء حماية المدنيين كوسيلة لتبرير تدخلات عسكرية وإعادة صياغة الواقع الميداني ضمن شرعيات سياسية وأمنية جديد. حيث يمكن مقاربة نموذج جنوب لبنان بعد اتفاق نوفمبر 2024، ونموذج جنوب سوريا بعد تغيير النظام في ديسمبر 2024، كإطار لفهم ما يهيئ البيان له من سيناريوهات متوقعة من حيث طبيعة العمليات الإسرائيلية وشكلها وأهدافها، وما الذي يعنيه ذلك عمليًا لإدارة المرحلة المقبلة في القطاع.
ففي جنوب لبنان ورغم وقف الحرب الشاملة بعد الاتفاق، واصلت إسرائيل تنفيذ ضربات جوية انتقائية والانتشار في المناطق الحدودية تحت ذرائع متعددة؛ كمنع إعادة التسلّح أو استهداف مخازن السلاح أو التصدي لهجمات “وشيكة”. وهي سياسية تظهر قدرتها على تقييد الحزب في إطار ضوابط وسياسات مراقبة دون العودة لحرب مفتوحة، في ظل اتفاق دولي يتيح لها هامش تحرك “مشروع” وفقًا لأهداف وقائية تتسق مبرراتها مع مضامينه، وهو منطق يتسق إلى حدّ ما مع الرسائل التحذيرية الأمريكية لحركة حماس التي تضعها تحت مراقبة دولية دقيقة.
في المقابل، يقدم الوجود الإسرائيلي في جنوب سوريا نموذجًا مختلفًا لكنه يكمّل المقاربة من زاوية أخرى. فقد رسخت إسرائيل وجودًا عسكريًا ونفوذًا أمنيًا مباشرًا في مناطق مثل السويداء والقنيطرة مع توجيه ضربات دقيقة ومحدودة النطاق، متذرعةً “بحماية الأقلية الدرزية” ومنع تهديدات أمنها عبر نزع سلاح السلطة السورية في الجنوب، مستخدمة خطاب إنساني-أمني يمنح هذه العمليات شرعية رمزية دوليًا. وعلى الرغم من الاختلاف بين الجنوب السوري والقطاع، والسلطة السورية وحركة حماس، إلّا أن المشترك بينهما هو تحييد الفاعل المحلي وتجريده من السيطرة الميدانية والسلاح، مع إخضاع سلوكه لرقابة مباشرة وإتاحة شرعية التدخل الإسرائيلي عند أي توتر داخلي يُصوّر كتهديد للمدنيين.
ميدانيًا، جاءت الضربات الإسرائيلية على جنوبي القطاع بعد يومٍ من صدور البيان الأمريكي لتؤكد هذا النمط. إذ استهدفت إسرائيل مواقع في رفح وخان يونس بزعم الرد على اشتباكات مع مسلحين رغم نفي حماس مسؤوليتها وتأكيدها أن تلك المناطق تحت سيطرة إسرائيل. وقد وصفت القناة 12 الإسرائيلية الغارات بأنها “محاولة لحماية ميليشيا ياسر أبو شباب”، كما استخدم الجيش الإسرائيلي تصريح “بدأنا موجة غارات ضد أهداف تابعة لحركة حماس جنوبي القطاع”، وهي ذات اللغة التي تستخدمها للإعلان عن ضرباته في جنوب لبنان منذ الاتفاق للآن، للإشارة إلى عمليات دفاعية “مشروعة”.
وعليه، قد يُفهم الربط بين النموذجين والبيان الأمريكي والتحرك الإسرائيلي العسكري في أعقابه، بوصفه مؤشرًا على استراتيجية متسقة تعتمدها إسرائيل وواشنطن في مرحلة ما بعد الاتفاقيات، من حيث الضغط المحدود والانتقائي على الأرض والخطاب التحكمي الذي يعيد تعريف الفاعلين المحليين كمصدر تهديد داخلي، بينما يتم التأكيد على دور الخارج كضامن وحامٍ للمدنيين دون احتلال مباشر. وذلك وفقًا لملاحظة استخدم إسرائيل اتفاق لبنان لتقنين عمليات عسكرية بعد وقف الحرب، واستخدم الخطاب لغة تحذيرية تفتح الاحتمال على اتخاذ تدابير قد يقصد بها هجمات إسرائيلية عسكرية بمبررات محلية، بالإضافة إلى هدف نزع السلاح المعلن استخدام القوة العسكرية فيه إن رفضت حركة حماس ذلك.
وبالمثل، كما وسعت إسرائيل نفوذها في الجنوب السوري دون إعلان احتلال مباشر، يبدو أن البيان الأمريكي قد يخلق لها إطارًا سياسيًا لعدم إنسحابها من القطاع وإعادة تموضع قواتها وانتشارها ميدانيًا بما لا ينسجم مع ما هو متفق عليه كاستحقاق في المرحلة الثانية من الاتفاق. مع تنفيذ ضربات مستمرة في بعض المناطق بدافع سيطرة حماس عليها من جهة، وتهديدها للمدنيين هناك من جهة أخرى. فكما تحولت الأراضي في جنوب سوريا إلى منطقة نفوذ تُدار عبر الضربات والخطاب الإنساني دون السماح للسلطة المحلية باستعادة السيطرة الكاملة، قد يتحول القطاع إلى حيز مراقب ومجزأ تبرر فيه العمليات الإسرائيلية بغطاء “التحذير الإنساني والأمني” ذاته.
بالتالي، لا يمكن قراءة البيان بمعزل عن ما يمكن قراءته كاستراتيجية في الجبهات الثلاث، مع خصوصية كل منها وطابع الاختلاف فيها. حيث يُمكن أن يُنظر إلى مضمون البيان ورسائله كامتدادًا محتمل لإستراتيجية إسرائيل التي يبدو أنها لا تسعى إلى تسوية نهائية وإنما إلى تسويات متعددة الطبقات بحيث تُبقي على قابلية الانفجار الإسرائيلي متاحة، مع إدارة مناطق ما بعد الحرب بآليات رقابية وأمنية بسيادة إسرائيلية.
ما وراء التحذير وما بعد البيان
قد يُفهم البيان الأمريكي في إحدى أوجه قراءاته، بوصفه مؤشرًا على احتمال التوجه نحو سيناريو تقسيم النفوذ داخل القطاع على المدى القريب. فاللغة التي استخدمها البيان في تعبير “حماية المدنيين من هجوم وشيك”، تعكس المقاربة الأمريكية التي تسعى إلى إعادة هندسة المشهد الغزّي عبر آليات الإشراف الدولي ومجلس السلام، والواضحة في بنود المرحلة المقبلة من اتفاق وقف إطلاق النار. ومن هذا المنظور يمكن التساؤل عمّا إذا كان جوهر البيان يتمثل في تحويل مراحل من الهدنة إلى أداة محتملة لإعادة توزيع السلطات داخل القطاع بين أطراف محلية وخارجية، تحت مبرر الحفاظ على استقرار ما بعد الحرب واستكمال المفاوضات حول القضايا النهائية الأكثر تعقيدًا.
حيث يمكن القول أن ملامح ذلك تتضح ميدانيًا من خلال المشهد الراهن؛ حيث تتركز سيطرة حماس في الشمال، مقابل وجود ميليشيا ياسر أبو شباب وجماعات أخرى في الجنوب،إلى جانب انتشار عسكري إسرائيلي في مناطق على امتداد عمق طول القطاع، مع القدرة على التمدد متى توفرت الذرائع لذلك. ما يعزز فكرة أن القطاع يتجه نحو تقاسم فعلي للنفوذ بين هذه القوى؛ حماس التي ما تزال تمارس سلطة أمنية مع عدم وجود بديل للحكم حاليًا؛ والتشكيلات المحلية التي نشأت في فراغ السلطة في ظلّ الحرب ومجرياتها وتداعياتها؛ وإسرائيل التي تفرض وجودها؛ بالإضافة إلى الضامن الخارجي الذي قد يكون قوى مزدوجة من آلية إشراف دولية وقوات إسرائيلية.
سياسيًا، يتيح خيار تقسيم النفوذ الجغرافي استمرار تفكيك القوة المادية لحركة حماس رغم استمرار التفاوض معها عبر أدوات لا توصف بأنها عسكرية مفتوحة؛ من خلال تقييد الحركة الاقتصادية والإنسانية في أماكن تمركز سيطرتها وربطها باستحقاقات والتزامات أمنية دقيقة، مع قيود على عمليات رفع الانقاض والإعمار.
وذلك ما يتقاطع مع التجربة الراهنة في جنوب لبنان، حيث انتهت المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله دون اتفاق سياسي نهائي مع استمرار العمليات الإسرائيلية، وهو ما أدى عمليًا إلى تقاسم وظيفي وميداني للجنوب؛ إذ يحتفظ الحزب بعمقه الاجتماعي والسياسي بينما تتحكم إسرائيل بالأفق الأمني والعملياتي، وسط ربط المساعدات الدولية للبنان بشرط نزع سلاح الحزب. وهو مشهد قد يعاد انتاج طابعه في القطاع في ظلّ تعقيدات التسوية النهائية بشأن الحكم والسلاح لكن بصورة أكثر تركيبًا وتعقيدًا، بحيث يصبح تقسيم النفوذ تعبيرًا عن آلية لتفادي الاحتلال المباشر والصريح وتكلفته، مع إبقاء السيطرة الإسرائيلية على كامل القطاع دون تحمّل أعباء إدارته اليومية أو مسؤولياته القانونية.
ختامًا، يبدو أن البيان يشير إلى توجّه واشنطن نحو إعادة ضبط معادلة النفوذ والتحرك العسكري المحدود في القطاع، من خلال ترسيخ معيار جديد للشرعية مبني على خطاب “حماية المدنيين” وضبط سلوك حماس كسلطة داخلية. كما يبدو أن البيان الذي اتخذ شكل التحذير الاستخباراتي يؤدي وظيفتين متوازنتين، فهو من جهة يضغط على حركة حماس في أكثر مراحل الاتفاق ومتطلباتها حساسية، ويمهّد لسردية شرعية-تطبيقية تُبرر أي إجراء عسكري وسياسي لاحق تحت شعار حماية المدنيين واستقرار التهدئة.
وفي هذا الإطار يُلاحظ تعامل واشنطن مع القطاع كحيز قيد إعادة التشكيل ضمن هندسة أمنية إقليمية جديدة، ما يعني أن البيان لن يتوقف عند مستوى التحذير، بل قد يكرّس منطق إدارة مرحلة ما بعد الحرب الشاملة عبر لغة الوصاية والردع الوقائي، مضيفًا معيار التدخل الخارجي تحت غطاء الاستقرار الداخلي. كما تكشف المقارنة مع جنوبي لبنان وسوريا عن نمط متكرر من الاتفاقيات التي تذهب نحو تثبيت معادلة التوازن القسري التي تضمن هدوًا هشًّا دون إنهاء جذور الصراع، وتستمر في تفكيك الجماعات المسلّحة خلال فترات التهدئة كما في الحرب، مع اختلاف طبيعة الأدوات من حيث الدرجة والمدى والنطاق والآلية.
[1] U.S. Department of State, “Planned Attack by Hamas”, Office of the Spokesperson, October 18 2025, https://www.state.gov/releases/office-of-the-spokesperson/2025/10/planned-attack-by-hamas
[2]رويترز، “حماس ترفض البيان الأمريكي بشأن “انتهاكها لوقف إطلاق النار”” ، رويترز بالعربية، 19 أكتوبر 2025، في: https://www.reuters.com/ar/world/N22GTXLPYJOWRPML6XSLFYXN3M-2025-10-19/
 

