استطلاع للرأي: 92.6% من طلبة الجامعات الأردنية يعتبرون إسرائيل العدو الأول

أجرى معهد السياسة والمجتمع مسحًا ميدانيًا غير مسبوق كشف عن تصوّرات لافتة لدى طلبة الجامعات الأردنية تجاه التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط عقب الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل. وشملت الدراسة 896 طالبًا وطالبة من ثماني جامعات حكومية وخاصة، واستهدفت قياس مستوى الوعي السياسي والاتجاهات الإقليمية والوطنية لدى جيل الشباب الجامعي في لحظة تشهد فيها المنطقة واحدة من أكثر مراحلها حساسية وتقلبًا.

وأظهرت النتائج أن جيل الشباب الجامعي يتمتع بوعي سياسي مرتفع، ونظرة نقدية متحفظة تجاه القوى الكبرى، مع تمسك عميق بالقضية الفلسطينية ورفضٍ واضح للاصطفافات الإقليمية الحادة. ويبدو هذا الجيل أكثر إدراكًا لتعقيدات المشهد الجيوسياسي وأقرب إلى الواقعية السياسية منه إلى الانفعال الأيديولوجي.

حول الأحداث الإقليمية التي جرت، أفاد نحو 90% من الطلبة بأنهم تابعوا عن كثب مجريات الحرب الإيرانية–الإسرائيلية، معتمدين في المقام الأول على وسائل الإعلام العربية والمحلية، فيما شكّلت منصات التواصل الاجتماعي المصدر الثاني الأكثر تأثيرًا في تشكيل آرائهم. ويعكس هذا التنوّع في مصادر المتابعة مزيجًا بين الانتماء للسرديات الإقليمية والانفتاح على النقاشات العالمية، بما يعبر عن تحولٍ في نمط الوعي السياسي لدى الشباب الأردني نحو مقاربة أكثر نقدية وتفاعلية.

عند سؤالهم عن الجهة الأكثر استفادة من الحرب، رأى 37.5% من الطلبة أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر، مقابل 18.5% لإيران و14.6% لإسرائيل، فيما اعتبر نحو ربع المشاركين أن الحرب لم تُفرز منتصرًا واضحًا. كما توقّع 75.2% أن تؤدي الحرب إلى زيادة التوتر وعدم الاستقرار الإقليمي، في مؤشر على حالة القلق واللايقين التي تسود بين الشباب حيال مسار التوازنات الإقليمية.

أما بالنسبة لتداعيات الحرب على الأردن، فقد رأى 62.1% أن المملكة ستتأثر بشكل غير مباشر، مقابل ربع العينة تقريبًا الذين توقعوا تأثيرًا مباشرًا، ما يعكس إدراكًا ناضجًا لطبيعة موقع الأردن الجيوسياسي في ظل التوترات المحيطة.

أبرز ما كشفه المسح هو ميل غالبية الطلبة إلى الحياد تجاه أطراف الحرب؛ إذ أكّد 80.5% أنهم لا يتعاطفون مع أي طرف، في حين أبدى 11.7% تعاطفًا مع إيران، مبررين موقفهم بدورها في مواجهة إسرائيل والدفاع عن فلسطين وغزة. ومع ذلك، فقد اتفق 92.6% على اعتبار إسرائيل العدو الأول للأردن والعرب، في موقف يعكس رسوخ الموقف الشعبي تجاه الصراع العربي–الإسرائيلي رغم تغيّر السياقات الإقليمية.

ورأى 74.9% أن حلّ الدولتين لم يعد ممكنًا في ظل الظروف الراهنة، فيما أيّد 53.3% توسيع دور الأردن في الضفة الغربية، تأكيدًا على إدراكهم لمحورية الدور الأردني في القضية الفلسطينية. ويشير ذلك إلى توازنٍ في الوعي الشبابي بين الواقعية السياسية والالتزام الأخلاقي تجاه فلسطين.

أبدى الطلبة ثقة ملحوظة في أداء الدبلوماسية الأردنية خلال الحرب على غزة، إذ قيّم 53.2% أداء وزير الخارجية أيمن الصفدي منذ السابع من أكتوبر بأنه “قوي وفعّال”، وأعرب 85% عن رضاهم عن الموقف الرسمي الأردني من الحرب، معتبرين أن السياسة الخارجية للمملكة اتّسمت بالحكمة والتوازن في التعامل مع التحولات المتسارعة في الإقليم.

وفي ما يتعلّق بالدور الإقليمي للأردن، فضّل ثلث المستجيبين التزام الحياد الإيجابي، في حين رأى 25% ضرورة أن تلعب المملكة دور الوسيط في النزاعات الإقليمية، بما يعكس رؤية شبابية تعتبر الأردن نموذجًا للدبلوماسية الوقائية والاستقرار الإقليمي.

قدّمت الدراسة خريطة دقيقة لمواقف الشباب الأردني تجاه القوى المؤثرة في المنطقة. حيث اعتبر 57.5% من الطلبة الولايات المتحدة عدوًا، وهو ما يشير إلى تراجع الثقة في الدور الأميركي التقليدي في المنطقة، فيما وصف 51.9% إيران بالعدو رغم وجود أقلية متعاطفة معها. وفي المقابل، صنّف 77.3% سوريا و67.3% العراق كـ دولتين صديقتين، ما يعكس عمق الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية التي تجمع الأردن بجيرانه. أما المواقف تجاه تركيا والصين فقد اتّسمت بالتوازن والحياد النسبي، في دلالة على نظرة واقعية تتجاوز الأيديولوجيات.

وبحسب معهد السياسة والمجتمع، تُظهر النتائج أن الجامعات الأردنية ما تزال فضاءً محوريًا لتشكيل وعي الشباب السياسي والاجتماعي، وأن طلبة اليوم يمثلون جيلًا نقديًا جديدًا يرفض الاصطفافات المطلقة، ويوازن بين الانتماء الوطني والانفتاح الإقليمي. كما تكشف الدراسة عن جيلٍ لا يكتفي بالمشاهدة، بل يشارك بفاعلية في النقاش الوطني حول دور الأردن في محيطه الإقليمي، مؤكدًا في الوقت ذاته على أولوية القضية الفلسطينية كقضية مركزية في الوعي الجمعي.

كما شدّد المعهد على أن هذه النتائج تمثل مؤشرًا مهمًا على طبيعة التفكير السياسي لدى جيل الشباب الأردني، الذي يجمع بين الحسّ الوطني والوعي الإقليمي، مشيرًا إلى أن فهم اتجاهات هذا الجيل يشكّل عنصرًا أساسيًا في صياغة السياسات العامة والتعليمية المقبلة، وأن متابعة التحولات في وعي الشباب باتت ضرورة وطنية في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة، بما يضمن بناء رأي عام مستنير يشارك في حماية المصالح الوطنية الأردنية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

للاطلاع على الاستطلاع كاملاً

زر الذهاب إلى الأعلى