حتى لا يدير الشباب ظهورهم لنا

عمر كلاب


هذه الفترة من تاريخ بلدنا ستكون لها تداعيات وتبعات او بناءات طويلة المدى، ليس فقط على مستوى علاقة الفرد بالمجتمع، أو علاقة المجتمع بالدولة، بل على مستوى شكل الدولة بمجمله, بحكم ما يعتمل في صدور الشباب الاردني الذي يعاني من صحوة ايحابية محاطة بهالات سوداء من الشك والاحباط والملل والضجر من القائم, مما ينعكس سلبا على القادم, فما شاهدته واظن زملائي من معهد السياسة والمجتمع شاهدوه ايضا في محافظة الزرقاء, كان خليطا مدهشا من اراء قدمها شباب توزع بين حزبي وناشط اجتماعي وفاعل في محيطه المحلي, قدموا رؤيتهم للعمل الحزبي والمشاركة السياسية, تراوحت بين الاحباط العام والالاقدام الحذر, لذلك قلت اننا امام اما حالة بناء او حالة تبعات ربما اقلها ضررا حالة العزوف العام كما في التجربة التونسية.


طبعا الثقة في المؤسسات ضعيفة جدا, والادهى ان ثقتهم بالعمل الحزبي والاحزاب الجديدة او المحدثة, ليست باعلى من من الثقة بالمؤسسات الرسمية, فحسب شهاداتهم لم تغافل الاحزاب وعيهم المسبق, بل كانت حسب توقعهم, برامج مرسلة وشخصيات تسعى لاعادة تدوير منصبها ودورها السابق, فهم – اي المتصدرين للعمل الحزبي – من وجهة نظر الشباب سبب في المشكلة ولن يكونوا جزءا من الحل بالتالي, ويشعر الشباب انهم مجرد ارقام في قوائم الترخيص الحزبي واللوائح الانتخابية, وهم لا يملكون القدرة المالية والسياسية لانتاج احزابهم الحاملة لهمومهم, وما زال الرعب من تبعات الانتماء الحزبي قائمة وتتكرس بحكم بعض الاجراءات الرسمية المربكة والمخالفة لرؤية التحديث والاصلاح.


خلاصة حواراتهم تقود الى واحد من ثلاثة مسارات: إما استبدال أشخاص بأشخاص, أو نظام بنظام بمعنى نظام حزبي بائس بنظام حكومي قائم لم يعد يصلح للمستقبل, أو تحديث بنية الدولة ببنية دولة جديدة كما هو الامل والطموح , لكن التأسيس الحاصل حتى اللحظة لا يحمل الكثير من الامل, والاشارات القادمة فيها من الاعسار السياسي اكثر ما فيها من الخجل السياسي حيال السير الى الامام, فما زالت مؤسساتنا وسياسينا خجولون جدا في السير بثقافة الجديد, او الحسم في مرحلة التحديث, فثقافة البريزنتيشن هي القائمة والحاضرة والاجراءات على الارض ضعيفة وخجولة, فكل مسؤول يقدم مؤسسته او عمله بوصفه الامثل والاكمل, والداهية كما قال الشباب انهم ينقلبون على هذا الحديث بعد الخروج من المنصب, فأي حديث يصدقون حديث الكرسي الوثير ام حديث الخروج منه؟


بالمقابل قدموا ما يثري ويحرك الماء الراكد, ويدفع نحو المستقبل بقوة وجسارة, فهم يريدون تطمينات كبرى, وسردية وطنية متماسكة, وبرنامج عمل واضح, والاهم تشبيك واشتباك من خلال التواصل مع المسؤول التنفيذي والقائمين على الاحزاب, ينتظرون خطوة الجامعات القادمة في اتحادات الطلبة وشكل المنهاج الجديد, والبداية في تأسيس ثقافة حزبية من المنهاج المدرسي, وينتظرون انجازات بسيطة بالمناسبة على صعيد النقل والصحة والتعليم, وينتظرون فعلا عدالة في العمل والتشغيل, فحتى القطاع الخاص بات يحتاج الى دعم من نافذ او نائب او مسؤول قائم او سابق, المطلوب فقط مشروع مارشال اردنييقوم على اعلاء قيم العدالة وتحقيق الحد الادنى من الالتزام بالبرامج التي تطرحها الجهات الرسمية فقط.

معهد السياسة والمجتمع

زر الذهاب إلى الأعلى