شباب أردنيون يطالبون باستراتيجية واضحة للإصلاح السياسي وخطة عمل زمنية

دعت نخبة من الشباب الاردنيين إلى ضرورة بناء استراتيجية واضحة للإصلاح السياسي، تتضمن برنامج عمل زمني للتعديلات المطلوبة في التشريعات والسياسات والممارسات.

وأكد الناشطون السياسيون، خلال ندوة “الشباب والإصلاح” التي يعقدها معهد السياسة والمجتمع بالتعاون مع صندوق الملك عبدالله للتنمية، أنّ الشباب الأردني ما يزال يشعر بالإقصاء والإبعاد السياسي، وعدم وجود حاضنات له.

في هذا السياق قال الناشط الشبابي حمزة ياسين من العقبة إن قضية إدماج الشباب هي إرادة قوية لدى الشباب أكثر منها لدى الحكومات، وأن معظم الفئات الشبابية التي شاركت في الحراكات الشعبية الأخيرة لم يكونوا منظمين سياسياً، ما يعكس رغبة الشباب الأردني بأن يكون لديهم دور حقيقي في صنع القرار.

وأضاف ياسين أن الشباب الأردني اليوم لا ينشغل فقط بمطالب شخصية تتعلق بتحسين الوضع الاقتصادي وإنما يتحدث بمستوى دولة ومشروع وطني، وإيمان الشباب بأن ما أوصلنا لهذه الحالة من التردي الاقتصادي والنسب المرتفعة من الفقر والبطالة هو غياب الإصلاح السياسي، وأننا نحتاج أن نتأكد من وجود الإرادة الحقيقية لدى صانع القرار  بمشروع الإصلاح السياسي وليست مجرد ردات فعل على أحداث إقليمية أو دولية، كما نحتاج إلى تنشئة سياسية تبدأ من المدرسة، وكذلك توفير مساحات من الحرية للنشاط السياسي في الجامعات، وأن كل هذه الخطوات نحو الإصلاح السياسي لن تتحقق بغير حكومة برلمانية.

من جانبها أشارت الناشطة الشبابية وعضو مجلس محافظة إربد مي أبو عداد أنه لا يوجد انخراط حقيقي للشباب في العمل السياسي، وأن الواقع المحيط بالشباب محبط عمقته أزمة كورونا، وازدياد نسب البطالة لدى حملة الشهادات الجامعية، وتدني مستويات المشاركة السياسية وتمكين المرأة، لذلك نحتاج لإصلاح سياسي حقيقي في قوانين الانتخاب والأحزاب.
أما الناشط الشبابي أنس بيليه، من الفاعلين في مدينة الرصيفة، فرأى أن الإصلاح السياسي مشروع تكاملي يتمثل في تطوير منظومة القيم الاجتماعية، وتعزيز مفهوم الهوية الوطنية الجامعة، بالإضافة إلى تطوير كفاءة النظام السياسي وتعزيز فعاليته، ووضع قوانين تساعد على توسيع دائرة المشاركة السياسية من خلال تخفيض أعمار المترشحين للانتخابات وتعديل قوانين اللامركزية وكف أيدي الأجهزة الأمنية عن الشباب، وإعلاء مستوى الشفافية والمساءلة السياسية.

وفي إطار الحديث عن تهميش الشباب قال بيليه إن الشباب دائماً ما يتم إقصاؤهم في كل المناسبات، كما أن الشباب خلال جائحة كورونا كانوا خارج حسابات الحكومة تماماً،  ويصطدمون بالحواجز التي تقام أمامهم، كما أشار  لتجربة اللامركزية وقال إنها من أفضل التجارب التي تم تطبيقها في الأردن حيث عززت حالة التشاركية بين المجتمع المحلي وصناع القرار ، إلا أنه شابها الكثير من الأخطاء.

وفي مشاركة الناشط الشبابي عبدالله جبارة تحدث عن الفجوة التي يعانيها الشباب وقال إنها أقرب لأزمة ثقة في مؤسسات الدولة، كما أن حجم الاستبعاد الاجتماعي للشباب كبير، وأن القيادات التقليدية تستأثر بكل شيء وتتحدث نيابة عن الشباب في حين أن الشباب الأردني لا يشعر أنه يمتلك الحاضر ولا المستقبل، ورأى أن الإصلاح السياسي يبدأ بالحوار الحقيقي والاشتباك الإيجابي والخروج بنتائج ذات فعالية، كذلك نحتاج إلى تنمية اقتصادية وسياسية وقاعدة الهرم السكاني في الأردن هي الشباب.

هذا ويرى الناشط الحقوقي حسين الصرايرة أن هناك ضرورة للانتقال من التشخيص إلى تقديم الحلول، ومعالجة التشوهات في جوهر الحقوق والحريات العامة، مشدداً “أننا إذا لم نتعلم من المئوية أعتقد بأن القادم سيكون أسوأ”، وأكد الصرايرة أن الذي بنى الأردن في المئة سنة الفائتة كانوا شباب مؤدلج وحزبي ولهم خلفيات سياسية، يعرفون تماماً ماذا يريدون في إقليم ملتهب، دخلوا جسد الدولة ومارسوا رؤيتهم الفكرية.

وأشار الصرايرة إلى أن السياسات الرسمية لم تساعد على بناء الهوية الوطنية الأردنية، خلال العقود الماضية، ما جعل المواطن الأردني عاجزاً عن تعريف نفسه. وأوضح الصراريرة أن الأردن رسم طريقه بمعادلة من “الحرية والوحدة والكرامة” كمحاور للعقيدة الوطنية على حد تعبيره، الأمر الذي تراجع في مراحل لاحقة، من خلال سياسات ريعية حيث مارست الدولة الريعية والسيطرة على مناحي عبر  القطاع العام بواسطة ممارسات مبنية على المحسوبية والواسطة وتغييب الكفاءات، ما أدى إلى ترهله وفقدان الثقة بقدراته، بالرغم من أنه يشكل عماد المنجز للدولة الأردنية التي كان استثمارها الأول والأخير في الإنسان، الذي يشكل اليوم المعضلة الأساسية في المعادلة السياسة.
وأضاف الصراريرة أنّه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح سياسي إلا بوجود أرضية ديمغرافية واضحة، وإطار هوياتي موحّد، تتبناه أحزاب قوية قادرة على التشكل والوصول، وتحمي الشباب من سطوة “الرأسمالية” و”الأمنية” كل على حدة في توجيه الفضاء المدني.

وبما يتعلق بمسودة قانون الإدارة المحلية الحالية قال الصرايرة إن حجم الاختلالات الفنية في التشريعات تؤدي إلى ضعف سيادة القانون، ووجود عوار في النص التشريعي يعني صدام حتمي مع المجريات العملية من تقديم السلطات الخدمة للناس، في حين أن “الإدارة المحلية” كدراسة حالة تشير إلى وجود فجوة بين متطلبات الأمة كمصدر للسلطات، والسلطات ذاتها، من جهة، وبين المشرع والمنفذ من جهة أخرى، وسط غياب واضح لأدوات المساءلة والإدارة الحاكمية.

بينما أكد الناشط الشبابي عيسى ملو العين على ما تحدث به المشاركين من الشباب من أن الإصلاح السياسي يبدأ من قانون الانتخابات والأحزاب، وضمان وصول الشباب يبدأ من خلال وجود أحزاب قوية، كما أنه لا يمكن للشباب أن يتقدموا للمناصب القيادية في ظل محاربتهم من رأس المال، وتدخل الأجهزة الأمنية في نتائج الانتخابات.

وأضاف ملو العين أننا نعاني من ازدواجية ما بين خطاب الملك وما بين تطبيق السلطة التنفيذية، حيث يدعو الملك الشباب دائماً إلى الانخراط في العمل السياسي”في المقابل يتم ايقافنا وملاحقتنا أمنياً”، وكذلك دعا الملك للتوازن بين السلطات ولحكومة برلمانية وفي نفس الوقت نرى تغول من السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، وأن خطاب الملك بالأوراق النقاشية على مدى السنوات السابقة كان يدل على جاهزية الشعب للانتقال الديمقراطي، لكن هناك متنفذين ومستفيدين يعترضوها، كما طالب باتفاق في مؤتمر وطني على محددات الانتقال والإصلاح السياسي.

كما أضافت الناشطة الشبابية ديما الخرابشة، من مدينة السلط،  أن الخطوات المطلوبة من صانع القرار كبداية هي أن يقدم ضمانات حقيقية للتحرك نحو الإصلاح، ومن واجب المؤسسات الرسمية ومن ضمنها الأمنية أن تتراجع عن القبضة التي يواجهها الشباب الفاعل سياسيا، وتفعيل مبادئ المواطنة في كل جوانب الحياة وذلك من خلال تفعيل دور الإدارة المحلية لإعادة بناء الأدوات والمهام الخاصة بكل مجلس. بالإضافة إلى الحاجة لاستراتيجية وأهداف واضحة في مدة زمنية معينة من خلال تفعيل قوانين الأحزاب لإفراز مجالس نواب تفرز حكومات قوية، كما أشارت إلى إعادة صياغة للمنظومة التعليمية وتعزيز مبادئ المواطنة.

وفي الحديث عن خطوات ونقاط محددة للإصلاح قالت الناشطة الشبابية لينا العالول يجب أن نعرف ماذا نريد هي أول خطوة، حكومة برلمانية أم تغيير ممارسات، ولماذا لم تترجم الأوراق النقاشية إلى قوانين؟ وبماذا أخطأنا وبماذا أصبنا في المئوية الأولى؟ أخطأنا عندما احتكمنا للواسطة والمحسوبية وعندما فقدت الحكومة مصداقيتها، وعندما تدنت مستويات الحرية وزادت المضايقات الأمنية.

وتقوم فلسفة الحواريات على عقد جلسات مشتركة بين الخبراء والباحثين والسياسيين الأردنيين، ومجموعات من الشباب يمثلون مختلف مناطق وشرائح المجتمع الأردني، من خلال توظيف الفضاء الرقمي في بناء السردية التاريخية الأردنيَّة، بمنهجية نقاشية حواريّة، حيث تكون المئوية الأردنيَّة الأولى مدرسة للمئوية الثانية القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى