إصدار أول عدد من نشرة شبكة الباحثين الأردنيين–الفلسطينيين: مقاربات جديدة في قراءة التحولات الإقليمية والقضية الفلسطينية

أطلق معهد السياسة والمجتمع العدد التجريبي من نشرة شبكة الباحثين الأردنيين–الفلسطينيين والذي خُصص لمناقشة موجة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وتحليل انعكاساتها السياسية على صعيد القضية الفلسطينية وعلى الصعيد الإقليمي، في سياق التحولات التي تمر بها القضية والمنطقة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتسعى الشبكة من خلال إطلاقها للنشرة إلى تقديم إضاءات فكرية لإثراء الحوار وجعله أكثر فعالية حول القضية الفلسطينية وديناميكية العلاقة الأردنية – الفلسطينية.


افتتح العدد بمقال للمستشار الأكاديمي لمعهد السياسة والمجتمع محمد أبو رمّان بعنوان “الأردن وخطة غزة: توازن الممكن والمخاوف”، الذي قدّم فيه قراءة معمقة للموقف الأردني من “خطة ترامب” الجديدة تجاه غزة، متناولًا كيفية موازنة عمّان بين شراكتها الاستراتيجية مع واشنطن وتمسكها بثوابتها الوطنية تجاه القضية الفلسطينية. ويحلّل المقال التحولات التي قد تترتب على هذه الخطة بالنسبة للأمن الوطني الأردني، محذرًا من تداعيات أي مقاربة إقليمية أو وصاية دولية قد تُفرغ فكرة الدولة الفلسطينية من مضمونها السياسي.


وفي مقال ثانٍ للباحث إبراهيم سميح ربايعة بعنوان “ما بين الدولة وترامب: انقلاب المشهد واستراتيجيات العمل”، يناقش الكاتب انعكاسات الحرب على غزة على المشهد الفلسطيني الداخلي والإقليمي، مشيرًا إلى ما أحدثته “خطة ترامب” من تحولات في أولويات الفاعلين العرب والفلسطينيين، وكيف أعادت الاعترافات الدولية الزخم للقضية بعد سنوات من الانكماش السياسي. ويركّز المقال على ضرورة صياغة استراتيجية فلسطينية–عربية متناغمة توازن بين الواقعية السياسية ومتطلبات العدالة الوطنية.


أما الباحث وليد حبّاس، فيقدّم في مقاله “موقف إسرائيل من الاعترافات الغربية بدولة فلسطين” تحليلًا نقديًا لبنية التفكير الإسرائيلي تجاه موجة الاعترافات الأخيرة، موضحًا كيف تنظر إسرائيل إليها باعتبارها تهديدًا لمشروعها الاستيطاني، و”مكافأة للإرهاب” على حد وصفها. ويستعرض المقال خريطة التيارات السياسية داخل إسرائيل، مبرزًا التحولات الأيديولوجية التي دفعت بالمجتمع الإسرائيلي أكثر نحو اليمين المتطرف ورفض حلّ الدولتين بشكل قاطع.
وفي مقالة تحليلية موسعة، يقدّم علي حجازي مقالًا بعنوان “الدور الأردني في الضفة الغربية: قراءة تحليلية في ضوء تصوّرات الجيل الجديد”، مستندًا إلى نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد السياسة والمجتمع بين طلبة الجامعات الأردنية. يكشف المقال عن تحوّل جوهري في وعي الجيل الأردني الجديد، الذي يرى أن استقرار الضفة الغربية جزء من استقرار الأردن، وأن دور عمّان يجب أن يكون فاعلًا ومحسوبًا في تسوية النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي. كما يعرض المقال كيف يربط الشباب بين الهوية الوطنية الأردنية والقضية الفلسطينية، في إدراك يعكس وعيًا استراتيجيًا جديدًا تجاه مفهوم الأمن الوطني.


وتناول الباحث حسن جابر في مقاله “الاعتراف بالدولة الفلسطينية وآفاق العمل العربي المشترك” البعد الدبلوماسي والقانوني للاعتراف الدولي، موضحًا كيف أعادت هذه الاعترافات تشكيل القوة المعيارية للقضية الفلسطينية، وفتحت المجال أمام إعادة تنشيط الدور العربي الجماعي. ويناقش المقال التحديات التي تواجه تفعيل هذا الزخم، مثل التباين في الأولويات الإقليمية والعقبات البنيوية في مجلس الأمن، مؤكدًا أن تحويل الاعتراف الدولي إلى واقع سياسي يتطلب توافقًا عربيًا جديدًا يوازن بين المبادئ والمصالح.


أما خالد الدبّاس، فيقدّم قراءة نقدية بعنوان “التنسيق العربي–الدولي على صعيد القضية الفلسطينية: سؤال الفاعلية وحدود القدرة”، يسلط فيها الضوء على التحديات التي تواجه النظام الإقليمي العربي، وتراجع فعالية التنسيق الجماعي في مواجهة المشاريع الإسرائيلية والأمريكية. يشير الدبّاس إلى أن التباين في المقاربات بين الدول العربية –من الوساطة إلى التطبيع إلى الحياد– جعل من الصعب صياغة موقف موحد قادر على استثمار موجة الاعترافات الدولية في اتجاه يخدم الحقوق الفلسطينية.


وفي السياق ذاته، يناقش بدر الماضي في مقاله “دور المملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر” التحوّل في السياسة السعودية تجاه الصراع العربي–الإسرائيلي، موضحًا كيف تمزج الرياض بين رمزية التزامها التاريخي بالقضية الفلسطينية وبراغماتية رؤيتها الاستراتيجية في ظل التحولات الإقليمية. ويعرض المقال كيف أعادت السعودية تموضعها الدبلوماسي بعد حرب غزة، لتصبح فاعلًا رئيسيًا في الدفع نحو الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية عبر تحركاتها في الأمم المتحدة ومبادراتها مع الدول الكبرى.


كما يقدّم الباحث أمير داوود في مقالته التي جاءت بعنوان “أثر الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على مشاريع الاستيطان”، شرحًا لكيفية توظيف الاعتراف كأداة سياسية للحد من تمدد الاستيطان، وتغيير ميزان القوة القانوني في المحافل الدولية، من خلال استخدام قرارات الأمم المتحدة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية كمرجعية ضغط على إسرائيل.


ويُسهم نظام بركات في مقاله “الاعتراف بالدولة الفلسطينية والانعكاسات المحتملة على مسار المفاوضات والحرب على غزة” بتحليل معمق لتداعيات الاعتراف الدولي على العملية السياسية، متسائلًا عمّا إذا كانت هذه الموجة ستقود إلى تسوية عادلة أم تُستخدم لتجميد الصراع تحت غطاء قانوني. ويقترح بركات مقاربة واقعية تضمن استمرار المسار التفاوضي بما يحافظ على الأفق السياسي ويمنع تحويل الاعتراف إلى مجرد مكسب رمزي.


ويختتم الكتاب محمد الرجوب العدد بمقال عنوانه “خطة ترامب وتداعياتها على الموقف الفلسطيني”، الذي يستعرض هواجس الفلسطينيين من استغلال الاعتراف الدولي كأداة لتصفية قضيتهم أو فرض حلول انتقالية جديدة في غزة والضفة الغربية. ويؤكد الرجوب أن المعركة الحقيقية لم تعد في ميدان السلاح فقط، بل في ميدان الشرعية السياسية والقانونية.


تأتي هذه النشرة في إطار رؤية شبكة الباحثين الأردنيين–الفلسطينيين التي تضم نخبة من الأكاديميين والخبراء من الجانبين، وتهدف إلى بناء حوار علمي مستدام حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وصياغة توصيات وسياسات عملية تعزّز التكامل الأردني–الفلسطيني في مواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، وتهدف النشرة إلى ان تكون خطوة تأسيسية نحو بناء منبر بحثي مشترك يعيد الاعتبار للتحليل العلمي في مقاربة القضايا الفلسطينية والعربية، ويجمع بين الرؤية الأكاديمية والواقعية السياسية.


يُذكر أن معهد السياسة والمجتمع، هو معهد تفكير أردني مستقل، يسعى إلى تحقيق الأمن والازدهار في الأردن والمنطقة، وينطلق من مبدأ المصالح الوطنية الأردنية العليا، ويعمل بشكل مستمر على تطوير قدرات الباحثين وتمكينهم.

لتحميل النشرة كاملة أنقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى