
ملخص
ترى هذه الورقة أن مسار حلّ جماعة الإخوان المسلمين في الأردن قد بلغ ذروته الدستورية والقانونية والإجرائية الأمنية بموجب حكم محكمة التمييز ثم قرار وزير الداخلية باعتبارها جمعية غير مشروعة ولا يبدو قابلاً للتراجع، مع ذلك، فإن الإبقاء على الوضع القائم لا يحقق مصلحة سياسية أو اجتماعية داخلية، وبالنظر إلى الوزن التنظيمي والبشري للجماعة وتأثيرها المجتمعي الملموس، تنطلق الورقة من أولوية صون تماسك الجبهة الداخلية في سياق إقليمي متوتر بعد حرب غزة وتفعيل ملف ضمّ الضفة الغربية الذي شرعت به إسرائيل، وكذلك من نهج الدولة التاريخي في احتواء الأزمات سياسيًا، ومن سجلّ الجماعة الإيجابي الذي تجنّب العنف واعتمد خطاب إصلاح النظام في محطات مفصلية، لا سيما ذروة الربيع العربي، وتحذّر الورقة من أن إغلاق باب الحوار وتعذّر التفاهمات يوسّع فجوة الثقة ويخلّف فراغًا سياسيًا قد تملؤه قوى أقل انضباطًا.
تُقدّر الورقة أن المسار الأكثر واقعية يوازن بين سيادة القانون والاستقرار الاجتماعي والسياسي عبر قبول علني ونهائي من القيادة السابقة بقراري الحلّ والحظر والامتثال لأحكام القضاء، يقابله احتواء منضبط من قبل الأجهزة المعنية يتيح لأفراد سابقين تأسيس إطار مدني خيري اجتماعي قانوني منفصل تمامًا عن العمل السياسي، وتقترح إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين عبر عفو خاص ووقف ملاحقة الناشطين منهم، والاتفاق على حصر التمثيل السياسي بقناة حزبية واحدة هي جبهة العمل الإسلامي بمرجعية مستقلة تتجاوز الأطر التنظيمية السابقة المتفق عليها سابقا، وتؤكد أن نجاح هذا المسار يتطلب إشارات متبادلة لبناء الثقة؛ أما استمرار الجمود والإغلاق فسوف يُغذّي الاحتقان والتطرّف والفراغ السياسي السلبي، وعليه، يُعدّ مسار الاعتراف بالحكم القانوني والاحتواء المنضبط الخيار الأجدر في الظرف الراهن.
خلفية قرار الحظر : الإخوان في مفترق طرق
في ظل التحولات السياسية المتسارعة إقليميًا ومحليًا، شكّل القرار القضائي بحل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 2020 ثم اعلان وزير الداخلية عن تنفيذ قرار المحكمة مؤخراً في نيسان الماضي إحدى أبرز المحطات في العلاقة المعقدة بين الدولة وأكبر تيار إسلامي اجتماعي سياسي في البلاد، وقد وصل القرار إلى أعلى مراحله القانونية والدستورية، الأمر الذي يجعل من التراجع عنه أمرًا غير وارد في السياق الرسمي، ومع ذلك، لا يبدو أن بقاء الوضع على ما هو عليه خيارٌ مستقرّ أو قابل للاستمرار، خصوصًا في ظل الأثر الاجتماعي والسياسي الكبير الذي تمثله الجماعة، إذ تُقدَّر عضويتها التنظيمية النشطة بأكثر من عشرين ألف عضو بحسب التقديرات، فضلًا عن انتشار مجتمعي خلال قرابة الثمانين عاما من تأسيسها في الأردن وقوة انتخابية لا يُستهان بها، تمثلت بكتلة تصويتية قاربت نصف مليون ناخب في آخر انتخابات نيابية عام 2024 وبقوة تصويتية بلغت (45%) من إجمالي عدد مقاعد القائمة الوطنية، وحضور نيابي وصل إلى 31 مقعدًا من أصل 138 مقعدًا في مجلس النواب.
جاء هذا القرار في سياقات سياسية مركبة، من أبرزها تصاعد الحضور الشعبي للجماعة بعد الحرب على غزة (7 أكتوبر 2023)، إضافة إلى قيادتها لمسيرات حاشدة شكّلت ضغطًا كبيرًا في الشارع الأردني، وقد رأت مؤسسات الدولة في بعض هذه المسيرات نوعًا من الاستقواء بالشارع، وقد وصلت ذروة التوتر في شهر ابريل من عام 2024 لا سيما بعد تحدي قرار المنع لمسيرة الأغوار بعد أن تم إبلاغ المنظمين بالمنع، حيث منع الأمن المتظاهرين من الوصول إلى الحدود الأردنية الفلسطينية، تلبية لدعوة الملتقى الوطني لدعم المقاومة (عاموده الفقري الجماعة) للتنديد باستمرار الحرب الإسرائيلية، بالإضافة إلى استخدام شعارات وهتافات رُفعت في المسيرات المختلفة وُصفت بأنها تجاوزت الخطاب المقبول، ما زاد منسوب التوتر في العلاقة بين الطرفين، أدى بلا شك إلى تراكم الغضب الرسمي تجاه هذه التصرفات، في وقت حساس لم تُحسن فيه الجماعة المحظورة تقدير إكراهات الدولة والسياقات السياسية والإقليمية والدولية الضاغطة.
إلى جانب ذلك، ترى هذه الورقة أن الأداء السياسي لنواب حزب جبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي للجماعة، لعب دورًا في تعقيد المشهد وتوتره، فرغم كون الحزب مشاركًا في الحياة البرلمانية، إلا أن خطابه في بعض المحطات كان يتسم أحيانا بالتأزيم، خصوصًا أثناء مناقشة تعديلات تشريعية في شهر إبريل من عام 2025 تتعلق بالمادة الرابعة في قانون شؤون المرأة وإصرار نواب جبهة لعمل الإسلامي على إضافة عبارة “مراعاة الشريعة الإسلامية” حيث أنتج الخطاب المتوتر صورة مفادها أن الحزب وحده يدافع عن الهوية الإسلامية والمصلحة الوطنية، في مقابل اتهام ضمني لبقية النواب بعدم الاكتراث بقيم المجتمع ودينه، وهو ما وسّع الفجوة بينه وبين الأطراف السياسية الأخرى، ورفع من مستوى الحذر الرسمي من تموضع الحزب كبديل للمعارضة التقليدية.
في الشهر ذاته، أعلنت الأجهزة الأمنية الأردنية اعتقال ستة عشر شخصًا بتهمة التورط في تصنيع صواريخ ومسيّرات يُشتبه في استخدامها لـ”إثارة الفوضى والتخريب داخل المملكة”. وربطت السلطات هؤلاء الموقوفين بجماعة الإخوان المسلمين، بينما نفت الجماعة أي صلة لها بالقضية. وقد أسهم هذا التطور في زيادة حدة التوتر السياسي والاجتماعي القائم آنذاك.
ليس بعيدا عن السياق التذكير بأن فوز الجماعة ممثلة بحزبها السياسي في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2024 قد أثار حفيظة العديد من الأطراف والجهات التي ترى أن الجماعة قد استفادت من منظومة التحديث السياسي الأخيرة في الأردن واستفادت كذلك من التوتر الإقليمي المتعلق بالحرب على غزة ما بعد 7 أكتوبر، و ترى تلك الجهات في الجماعة خصما عنيدا ومنافسا حقيقيا لها ورقما صعبا يثبت في كل انتخابات نيابية أن ماكينته الانتخابية والسياسية والاجتماعية ما زالت تعمل بقوة برغم محاولات التهميش، ناهيك عن أن درجة القبول الشعبي لأداءه المعارض لاتفاقيات السلام وبعض سياسات الدولة المتعلقة بطبيعة التصرف مع الكيان أثناء الحرب على غزة، قد جعله حاضرا بقوة في المشهد السياسي وهو الأمر الذي أحدث ضغطا على النظام الذي وجد نفسه بين شقي رحى: الحفاظ على معاهداته الإقليمية واتفاقياته وبين امتصاص الغضب الداخلي المتمثل في المسيرات التي وصلت الى أكثر من ألف مسيرة وتظاهرة خلال أقل من عامين.
زاد من تفاقم الاحتقان والتوتر كذلك إصرار الجماعة على أن تكون المسيرات والمظاهرات بالقرب من بعض الأماكن الحساسة كالسفارات التي منعت قوات الأمن الاقتراب منها، الأمر الذي جعل أحيانا قوات الأمن وجها لوجه في صدام سلبي مع المتظاهرين، وهو ما أدى إلى ظهور رجال الأمن في صورة سلبية في بعض المقاطع المصورة، تمثل ذلك في انتشار بعض المقاطع المصورة التي توثق الاعتداء اللفظي على رجال الأمن وبعض المقاطع التي أدت كذلك الى إصابة بعض المتظاهرين بإصابات نتيجة القنابل الغازية لتفكيك بعض المسيرات والمظاهرات في مشهد عقد الموقف وجعل التوتر يسيطر على المشهد.
فهم خلفية العلاقة التاريخية بين الدولة والجماعة
لا يمكن إغفال الطبيعة التاريخية للعلاقة بين الدولة والجماعة، إذ شهدت مراحل متعددة من التوتر والاحتواء والتحالف الوثيق أحيانا والمعارضة الشديدة أحيانا أخرى عبر علاقة عمرها ما يقارب الثمانين عاما، فخلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي اصطفت الجماعة مع النظام بقوة في مواجهة المعارضة القومية واليسارية، ووقفت الجماعة بقوة أيضا في الدفاع عن الدولة والنظام في أحداث أيلول الأسود، ولا شك أن الجماعة استفادت من هذه السياقات وتمددت في فترة حُظر فيها العمل الحزبي والمجتمعي والسياسي لسنوات طويلة، لكن الدولة كانت تنجح غالبًا في إدارة هذه العلاقة عبر مقاربات مرنة مع الجماعة تراوحت ما بين الشد والجذب والحفاظ على شعرة معاوية.
الدولة والجماعة تبادلتا الاستفادة من العلاقة على مدى عقود
في المقابل يجب أن يُسجل ويُذكر للجماعة ما حدث خلال الربيع العربي، عندما امتنعت الجماعة عن رفع شعار “إسقاط النظام”، واختارت نهجًا إصلاحيًا ساهم في بقاء الساحة السياسية الأردنية مستقرة مقارنةً بدول الجوار عبر رفع شعار ” إصلاح النظام”، وقد أسهم هذا التوجه في احتواء اندفاعات سياسية مأزومة لدى بعض الحركات الشبابية والسياسية والمجتمعية الأخرى التي كانت تنشط آنذاك وتضغط باتجاه رفع شعارات شبيهة بالمرفوعة في الدول المجاورة والتي كانت عواقبها الدمار والحروب والنزوح والتشريد، وهو الأمر الذي يجب أن لا ينساه صانع القرار، ويجب أن يسجل للدولة الأردنية كذلك قدرتها على ضبط النفس وتطبيق نظرية الأمن الناعم لاحتواء الأزمة حينها والانحناء قليلا للعاصفة والاستجابة لبعض المطالب السياسية الإصلاحية التي خففت من حدة الاحتقان، فحكمة الدولة حينها قابلتها حكمة المعارضة وعلى رأسها الجماعة التي أدت الى خروج الجميع من أزمة وعاصفة أطاحت بدول وغيرت حكومات وأنظمة في الشرق الآوسط.
من المهم الإشارة والتذكير كذلك الى أن الجماعة تتلقي تأييدها الرئيسي من طبقات وسطى وفئات اجتماعية فاعلة وممتدة ومؤثرة في المجتمع والمؤسسات المختلفة، ويوجد بين أعضائها مجموعات مثقفة ثقافة عالية فهي بلى شك قوة سياسية مجتمعية هامة تعد من روافع المجتمع، ناهيك عن أن الخطاب الديني والفكري للجماعة يقارب خطاب الدولة المعتدل في الجامعات والمساجد والمدارس، واذا عمقنا النظر كذلك في مسلكيات الجماعة تاريخيا فهي لا تهدد أمن النظام ولا تتبع العنف كمنهج في التغيير، وكانت الجماعة تشارك في معظم مفاصل العمل السياسي في مراحل سياسية مختلفة؛ فكانوا مؤخرا أعضاء في اللجنة الملكية لتحديث منظومة العمل السياسي، وهم كذلك أعضاء في مجالس نواب متفرقة وفي مجالس الأعيان وانحرطوا كذلك في مسارات سياسية ووزارات عديدة عبر عقود طويلة ولا يمكن تجاوز هذا التاريخ المهم الذي استفادت فيه الدولة من الاخوان كما استفاد فيه الاخوان من الدولة .
ليس سرا أن يتم الإشارة الى أن الأجهزة المعنية في الدولة كانت تقوم بالتنسيق مع قيادة الجماعة سابقا بخصوص ترتيبات سياسية عديدة كان من أهمها تلك الترتيبات المتعلقة بحركة حماس ووجودها وعملها في الأردن، وكانت تلك القيادات الأمنية تدرك أن الإخوان يمدون حماس بكوادر يتم تدريبهم أحيانًا، على أن لا يبقوا في المملكة، إلا أن بعض قيادات الحركة الذين يقيمون خارج الأردن وفي ظل ما يحصل في غزة قاموا بالاستفادة من بعض كوادر الاخوان وقاموا بالتنسيق معهم بطريقة تجاوزت الاتفاقات والأعراف والتفاهمات الداخلية المتفق عليها، انخراط بعض الشباب في محاولات تصنيع أسلحة داخل الأردن، وهو ما كان قد يشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا لولا تدخل الأجهزة في الوقت المناسب، وبرغم أن الهدف كما كانوا يقولون كان من أجل التصدير الى الضفة الغربية أو غزة إلا أنه لا يوجد دولة ذات سيادة تقبل بهذا الموضوع الخطير مهما كانت الغاية نبيلة.
تحييد الجماعة بالكامل قد يخلق فراغًا يشغله تيار أكثر راديكالية
المخاطر الإقليمية والحاجة إلى التماسك الداخلي
تؤكد هذه الورقة على أن السياق الإقليمي اليوم غير مسبوق ؛ فالمخاطر الأمنية على حدود الأردن تتصاعد، والتهديدات الإسرائيلية من اليمين المتطرف ذات سقوف غير معهودة، ناهيك عن بدء إسرائيل بمشروع ضم الضفة الغربية عبر مشروع (E1) مما أعاد للواجهة خطر التهجير وتقويض حل الدولتين، واعتدائها العسكري كذلك على ست دول عربية خلال عام واحد، كل ذلك يعيد الاعتبار لمفهوم وحدة الجبهة الداخلية وأهمية التماسك المجتمعي والاستقرار الداخلي، وهو الأمر الذي أكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني بوضوح في لقاءه مع بعض الإعلاميين قبل شهر حيث أكد أن تمتين الجبهة الداخلية هو الوسيلة الأنجع لإحباط المخططات التي تستهدف أمن الأردن .
هذه التحديات الحقيقية تفرض على الدولة وأجهزتها التفكيرفي كيفية الحفاظ على التماسك المجتمعي دون فتح الباب لصعود قوى موازية متطرفة اذا أغلقت جميع الأبواب والمنافذ أمام التفاهم مع الجماعة المحظورة، وهنا تبرز المعضلة الحقيقية؛ فالجماعة تشكّل قوة اجتماعية حقيقية، قاعدتها الفكرية والدعوية تقوم على العمل الخيري والإرشادي والتربوي والسياسي، ولها تجربة طويلة في ضبط السلوك السياسي لأعضائها ضمن أطر قانونية، وبالتالي، فإن تحييدها كليًا قد يخلق فراغًا حقيقيًا في المساحات التي كانت تملؤها سابقا، وهي مساحات قد تصبح جذابة لقوى غير منضبطة أو راديكالية.
مسارات إعادة التموضع الممكنة أمام الجماعة
في ظل إغلاق الإطار القانوني أمام الجماعة المحظورة، وتراجع فرص بقائها كتنظيم رسمي، تبرز الحاجة إلى مخرج سياسي يُراعي هيبة الدولة واحترام قراراتها وسيادتها، وفي الوقت ذاته يقدّر طبيعة الجماعة وحجم انتشارها وتواجدها وطبيعة أفرادها الذين اعتادوا على العمل والحركة والانتشار والتأثير في الناس، من خلال حوار سريع مع شخصيات وازنة داخل الجماعة بحيث يتم طرح الخيارات أمام الجماعة للخروج من الأزمة لمحاولة تبريد هذا الملف الحساس،ومن هنا تقترح هذه الورقة المسارات التالية :
- القبول العلني بقرار الحظر وإصدار بيان رسمي من القيادة السابقة للجماعة المحظورة عبر مسار تؤكد فيه احترامها لأحكام القضاء بحل الجماعة والتزامها بقرار وزير الداخلية بحظر أنشطتها وتتكيف فيه مع توجه الدولة، واعتبار هذه المرحلة فصلًا نهائيًا في مسار التنظيم، هذا الاعتراف سيسهّل على الدولة التفكير بفتح أفق جديد لأفراد الجماعة السابقين ووقف ملاحقتهم والتضييق عليهم .
- يتضمن هذا المسار كذلك السماح لهم بتأسيس جمعية خيرية وثقافية لا تتدخل في العمل السياسي، وتُعنى بالأنشطة الإغاثية والدعوية والاجتماعية تحت مظلة القانون.
- في موازاة ذلك، يمكن أن يُعاد تعريف العلاقة بين جبهة العمل الإسلامي والجماعة، بحيث يكون الحزب هو الإطار الوحيد للعمل السياسي المنضبط لأفراد الجماعة، مع التأكيد على استقلالية مرجعية الحزب عن أية أطر تنظيمية دعوية سابقة، وعدم الربط بين الحزب والجماعة المحظورة تنظيميًا بأي حال من الأحوال واعتبار جميع الترتيبات السابقة تاريخا فقط، ويُعاد كذلك التأكيد على ضبط الخطاب السياسي داخل البرلمان لنواب حزب الجبهة ليكون ضمن خطاب وطني جامع يتفهم إكراهات الدولة ويبتعد عن إثارة النفوس، ولا يُسهم في خلق اصطفافات داخلية حادة.
- الافراج عن جميع المعتقلين في قضايا التصنيع بموجب عفو خاص، والاكتفاء بمدة توقيفهم مراعاة للظرف الإقليمي الحساس وحالة الهيجان النفسي التي رافقت مشاهد الدمار والعنف والقتل في غزة.
الاستقرار في الأردن كنز استراتيجي يتطلب مقاربة سياسية مرنة
كلفة الجمود: مخاطر استمرار الوضع القائم
إن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني الإبقاء على توتر خامد قد ينفجر لاحقًا، خاصة في حال استمرار إغلاق الأبواب كافة أمام جمهور واسع من التنظيم السابق، وإذا أُغلقت نوافذ الأمل بالكامل، فإن التقديرات تشير إلى إمكانية انزلاق بعض الأفراد نحو خيارات فردية راديكالية، أو على الأقل ترسيخ القطيعة النفسية والسياسية مع مؤسسات الدولة، وهذه الحالة لا تخدم استقرار الأردن الذي يعدّ استقراره في ظل معادلات إقليمية شديدة التعقيد “رصيداً استراتيجياً ثميناً” يجب الحفاظ عليه.
لا بد من مقاربة جديدة تتجاوز الصيغة القانونية الجامدة إلى صيغة سياسية هادئة، تراعي حاجة الدولة إلى الاستقرار وتجاوز الازمات الداخلية والسعي نحو تمتين المجتمع وتحصينه واستقراره، وقد أثبتت التجارب السابقة أن الحكمة الأردنية في إدارة الملفات السياسية الشائكة ومنها ملف الجماعة هي القاعدة، وليس الاستثناء، وفي المقابل، فإن الجماعة، إذا قرأت المشهد بواقعية سياسية، يمكن أن تعيد تموضعها ضمن أطر قانونية جديدة، بما يخدم مصالح أعضائها ويُغلق الباب أمام احتمالات لا يرغب بها أحد.
المقالات والأوراق المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي معهد السياسة والمجتمع