“الأردن: بين المطرقة والسندان” مشاركة بحثية جديدة لمعهد السياسة والمجتمع

نشر الباحث في معهد السياسة والمجتمع حسن جابر، فصلًا في كتاب: “مستقبل احتلال الأراضي الفلسطينية بعد غزة: السيناريوهات، أصحاب العلاقة، والحلول – The Future of the Occupation of the Palestinian Territories after Gaza”، الصادر باللغة الإنجليزية عن دار النشر الأكاديمية Palgrave Macmillan المتخصصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية. يركز الكتاب على أربعة محاور أساسية تشمل رسم سيناريوهات مستقبلية للاحتلال الإسرائيلي، تحليل مصالح الأطراف الرئيسية مثل: الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس وفتح، بالإضافة إلى دور القوى الإقليمية كالأردن ومصر والسعودية وإيران وحزب الله، واقتراح إجراءات استراتيجية لتعزيز الحوار حول إنهاء الاحتلال بطرق سلمية وإنسانية.

في فصله المعنون “الأردن: بين المطرقة والسندان”، يستعرض جابر حساسية الموقف الأردني بين دعم الحقوق الفلسطينية والحفاظ على الجبهة الداخلية متماسكة والمصالح الوطنية الأردنية؛ وبين الضغوط الإقليمية والدولية، واعتبارات الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة التي تتضمّن علاقة حيوية للمملكة. يبدأ الفصل بتتبع العلاقة “العضوية” التاريخية سياسيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا بين الأردن وفلسطين والعلاقة الخاصة مع الضفة الغربية، إذ يتتبع جذورها بدءًا من الثورة العربية بقيادة الشريف حسين بن علي، مرورًا باتفاقية سايكس-بيكو ووعد بلفور، وصولًا إلى تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 والعلاقات المتينة بين القيادة الهاشمية والنخب الفلسطينية في الضفة الغربية، ثم مرحلة الوحدة الضفة الغربية بعد مؤتمر أريحا 1949، مما أسّس لوحدة الضفتين قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية في 1967.

يتناول جابر أيضًا السياسة الأردنية في ضوء استمرار توسع المستوطنات الإسرائيلية وصعود اليمين الإسرائيلي المتطرف واندلاع الانتفاضة الثانية، حيث يحافظ الأردن على موقفه الداعم لحل الدولتين وضمان حقوق الفلسطينيين مع التركيز على الاستقرار الداخلي والتأكيد على الوصاية الهاشمية للأردن على المقدسات الديني الإسلامية والمسيحية في القدس. وتشير العلاقة التاريخية بين الأردن والفلسطينيين إلى تداخل السياسة الداخلية والخارجية؛ حيث تتوخى الحكومة الأردنية تحقيق أكبر قدر من التوازن للجمع ما بين استمرار دعم الحقوق الفلسطينية والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، خصوصًا بعد أحداث غزة في 7 أكتوبر 2023، بما في ذلك الأمن الحدودي المشترك والشراكة مع الولايات المتحدة. ويستعرض النقاشات رئيسية التي برزت ما بين النخب الأردنية منذ بدء الحرب حول الاستراتيجية الأردنية في التعامل مع التعقيد الإقليمي؛ كالتركيز على الاستمرار بالانخراط النشط والتأكيد على أولوية الحقوق الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، أو حتى نقاش الواقعية السياسية التي تعطي الأولوية للاستقرار الداخلي وتجنب الاصطدام مع الشركاء الدوليين خاصة مع تعدد القضايا الضاغطة على السياسة الخارجية الأردنية.

أما بعد بدء الحرب الإسرائيلية على غزة؛ فيوضح الفصل دبلوماسية الأردن المكوكية لوقف الحرب على قطاع غزة، وارتفاع حدّة الخطاب الأردني تجاه إسرائيل، بينما شهد خلال مراحل موجات تضامن شعبي واسعة وتظاهرات للمطالبة بوقف الحرب على غزة، مما يضع الحكومة أمام معادلة صعبة بين تحقيق المطالب الشعبية؛ والمحافظة على التوازن في علاقاتها الدبلوماسية. 

إنسانيًا، يُعزّز الأردن من حضوره عبر إرسال مساعدات وافتتاح مستشفيات ميدانية في الضفة الغربية وغزة لتقديم الخدمات الطبية، مؤكدًا أن ما جرى بعد 7 أكتوبر يثبت التحذيرات المتكررة من مخاطر السياسات الإسرائيلية المتطرفة ورفضها حل القضية الفلسطينية بشكل عادل. كما ترتكز السياسة الأردنية على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ومنع التهجير القسري للفلسطينيين، حيث يُعتبر أي تهجير خطًا أحمر يعادل إعلانًا للحرب.

في ضوء هذه التحديات؛ يسلط الفصل الضوء على عدّة سيناريوهات استراتيجية لتعزيز دور الأردن تجاه القضية الفلسطيني، وتشمل هذه السيناريوهات؛ تكثيف التنسيق السياسي والأمني الثنائي مع السلطة الفلسطينية لتعزيز صمود الفلسطينيين ومواجهة التهديدات المشتركة، تحريك الدبلوماسية العربية والدولية لاحتواء الحرب الإسرائيلية وتعبئة الجهود العربية والدولية لمواجهة المخططات الإسرائيلية ومنع الاستمرار في ضم الأراضي الفلسطينية، وتجديد الحوار الوطني الداخلي لتشكيل إجماع وطني حول أولويات المملكة ومواقفها المستقبلية. أما عمليًا؛ فيستمر الأردن في الموازنة ما بين دعمه المستمر للحقوق الفلسطينية والحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وإدامة استقراره الداخلي وعلاقاته الدولية، في ظل تحديات صعود اليمين الإسرائيلي وتداعيات استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

زر الذهاب إلى الأعلى