هل سقط نجم الاستخبارات الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر؟

تتفاعل الأوساط الأكاديمية والاجتماعية بشتى منابتها لغاية اللحظة مع الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس يوم 7 أكتوبر والذي أسفر عن قتل وأسر العديد من المستوطنين الإسرائيليين في غلاف غزة، وقوبل بقتل آلاف المدنيين من الجانب الفلسطيني ونزوح أعداد هائلة ضمن سلسلة تهديدات من الجانب الإسرائيلي الذي يعمل للقضاء على كافة أشكال الحياة في قطاع غزة، وينسجم الدمار الواقع مع ما يدور وسط موجات من الغضب العارمة والاعتصامات التي تجوب مختلف أنحاء العالم تطالب إلى جانب المساعي الدولية بوقف إطلاق النار والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة شيء من صبغة الحياة إلى قطاع غزة المنكوب. ومما يجدر بالملاحظة، أن المدخلات الكمية والنوعية التي نشهدها على كافة أصعدة التفاعل مع الأحداث الحالية سواء من الأفراد من شتى أنحاء العالم، الجماعات المنظمة وغير المنظمة ،الفواعل المؤسسية الإقليمية والدولية توحي ضمنيًّا وفعليًّا بوجود مشتركات عالمية -بالرغم من الفوارق الهائلة- التي تسعى لوقف الحرب الدائرة، وذلك يصطدم وبقوة مع الهالة الذهبية التي تحظى بها إسرائيل فوق الاعتبارات الأخلاقية والفكرية والجمعية للإرادة الكلية وذلك ما صنع لها الفارق في ظل فترات السكون الإقليمي في المنطقة والافتعالات الإيجابية لصالحها أيضًا وما صنع لإسرائيل فارق نوعي في تحقيق قيمة مضافة مع من حولها من الدول ضمن إقليم مضطرب متداخل في مساعيه ومآربه العلنية والسرية.

 وفي ظل الانشغال في الإدانات ما بين مؤيد ومعارض لحماس وإسرائيل، نجد مئات العناوين المرئية والمسموعة تكرّس علامات استفهامها منذ اللحظة وقبيل انتهاء العاصفة وسكونها وبدء المحاسبة والتحقيق الفعلي في مجريات الحرب بطرح أسئلة بسيطة وواضحة مفادها “ماذا جرى لجهاز الموساد وأين عملاؤه من التحليل اللحظي”؟ “أين هي شعبة أمان العسكرية وكشوفاتها الدورية”؟ وكيف لثاني أهم وكالة استخبارية في العالم أن تغفل عمّا وقع في 7 أكتوبر وتجعل من الجرافات والمظلات الشراعية التقليدية بمثابه اختراق لأجهزتها فوق المتطورة وذات التكلفة المرتفعة وضباطها ذوي الكفاءات العالية والشهادات المرموقة والمهمات المستحيلة؟

 فهل ما حدث في 7 أكتوبر من قبل حماس هو تفوق حقيقي على الاستخبارات الإسرائيلية ويُعتبر نقطة سوداء في سجلها الاستخباراتي وقدراتها على الرصد والتنبؤ؟ أم هو عطل مؤسسي، فردي، إداري يحدث لأي جهاز استخبارات أيّا كان؟ أو في عبارات هزلية أن ما حصل داخل المجتمع الإسرائيلي أحدث سردية جديدة لنظرية المؤامرة التي ترتطم مع حاجز الصدمة والاستنكار لما آلت له الحرب في ظل افتراضات تجاهل تنبيهات سبقت الحرب فعلاً؟

قلق عضوي في جسد المشروع الإسرائيلي

يعتبر جهاز الموساد صاحب الصيت السوداوي الكاشف في المنطقة العربية والذي يُعد معيار تقاس به الدقة والحذر في ملفات التقارير والفضائح والاغتيالات والتداخلات المزدوجة في المؤسسات والفاعليين المهمين والقضايا الحساسة في مكاتبها المنتشرة في العالم، وذلك يتأرجح اليوم في ظل تساؤلات غياب كل سنوات التأسيس والعمل على المنتج الاستخباراتي الإسرائيلي ليفوق المنافسة ويقوم ببيع وسائله بأعلى سعر ويبتدع عُملة جديدة عنوانها الأفضلية والتفرد في المنجزات والمهام العملياتية والتحليلية على مستوى العالم.

فهل سيفرط المسؤول الاسرائيلي العسكري بسنوات “خلق الصورة” وتجويدها مقابل الاختراق الذي تعرض له ضمن حرب لم تنتهِ بعد؟ وهل سيكون هناك مساعٍ لإعادة رسم ملامح الصورة التي قامت حماس بطمس ألوانها البراقة؟ لعل ذلك يقع ضمن واحد من أهم الأعمال المؤكدة على أجندة صانع القرار الاسرائيلي بعد الحرب، حيث يعتبر العنصر الاستخباراتي الإسرائيلي الداخلي والخارجي نقطة قوة ودعم فارقة في بقاء واستمرار المشروع الاسرائيلي بالشكل النوعي الذي يتم الترويج له من ناحية التداخلات السياسية والعسكرية للمسؤول الاسرائيلي ومن ناحية أخرى في أهمية توظيف الفارق السيبراني – التكنولوجي النوعي في الشرق الأوسط وذلك ما شهدناه في تصريحات ما يُطلق عليه”مبررات التطبيع” مع إسرائيل كونها تستكمل مشروعها كقوة إقليمية تسعى لتطوير أكبر قدر ممكن من المجالات الحيوية.

عدسة على المشهد

لا تكاد تغيب شمس يوم داخل المجتمع الاسرائيلي والأوساط العالمية إلا بتوجيه الاتهامات والمطالبات بالمحاسبة للمقصرين في استمرار الحرب بهذه الوتيرة أو حتى في بدء الحرب ككل، وعند ملاحظة أبرز الانتقادات والتفسيرات التي أدت إلى سقوط العامل الاستخباراتي بهذا الشكل المدويّ، فإن من أغرب المفارقات هي وضع اللوم على التكنولوجيا والتقنيات الحديثة! ولعل هذا هو جُلّ التركيز في تطوير الأداء الاستخباراتي المؤسسي والفردي في إسرائيل الذي اعتدناه في المنطقة ورُفعت القيمة النوعية للعمل الاستخباراتي الاسرائيلي على إثره، لكن تم اعتبار أن حالة الاعتمادية المتراكمة على تطور التوظيف التقني الملياري هو واحد من أسباب القصور الواضحة على حساب العامل البشري وقدرته على تقصي المخاطر المتوقعة، حيث الشعور الأمني الذي خلقه التقدم النوعي التكنولوجي الاسرائيلي مقارنة مع ضعف المنطقة ساهم باستبعاد مثل هكذا اختراق من قبل حماس.

 استكمالًا من التقدم التكنولوجي، فإن ما تذكره التقارير المراقبة للحالة العسكرية بوضوح أن هناك خفض في عدد القوى العسكرية وأماكن تواجدها وانتشارها على طول الحدود مع ما ساهم بمضاعفة سلبية الاعتماد على التقنيات الحديثة التي تتنوع ما بين أنظمة دفاع شامل وتقنيات مراقبة وإنذار مبكر حديثة إلا أنها وبالرغم من ذلك، كانت الاستجابة الإسرائيلية متأخرة لساعات ما سهّل العبور من نقاطها. وذلك لا ينفي حقيقة التجاهل والاستخفاف بالتقارير المبكرة التي تم تقديمها للرؤساء داخل القوات الاسرائيلية واعتبارها أحداث عابرة لا أكثر وذلك ما يتم تعاطيه بصدمة من قبل أفراد الجيش نظرًا للأضرار التي تتكبدها جراء تجاهل الإنذارات السابقة وذلك يتقاطع مع انعدام الجهوزية ونقص المعدات والتحضيرات للحرب  التي كانت من أبرز الانتقادات التي تم تداولها في ظل عشوائية الحرب في أيام الأولى.

 يشير الصحفي والمحلل الدفاعي يائوف ليمور في صحيفة إسرائيل اليوم إلى فشل الوحدة 8200 الشهيرة في المخابرات العسكرية صاحبة شعار “المسؤولية لا حدود لها” والتي أنذرت عن جزء من الانهيار العام لمؤسسة الاستخبارات بأكملها وتعتبر هذه الوحدة هي المسؤولة عن 80% من المعلومات الاستخبارية قي إسرائيل، وهناك لوم متبادل ومشترك إزاء الجنرال المسؤول عن الوحدة 8200 والذي يتم دعوته ب Y  الذي كان على عكس رؤساء الأقسام والوحدات الأخرى، ويعزو ليمور  أن الجنرال Y  اكتفى  بتقديم ما يسمى التقرير الذهبي الذي تلقته إسرائيل عام 2022 ولا شيء تم تقديمه بعدها ولم يوجد أي جهد مبذول لا بمعالجة المعلومات الحساسة أو مناقشتها مع القيادات العليا. ولكن الوحدة 8200 ليست وحدها بل ينضم إليهم رئيس شعبة العمليات في مديرية الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي العميد G  الذي لم يقم بأي إجراء لمحاولة فهم ما يحدث في غزة وفشل بصياغة أي خطة عمل واضحة، فكلاهما يشتركان حسب العديد من الأوصاف بالغطرسة واعتبار منجزاتهم لا تشوبها شائبة وهذا ما طال النقد الهائل على غرار الفشل المدوي في أرض المعركة.

 وفي خضم تحليل الجانبين العسكري والتقني فلا يمكن نأي أي منهما عن الوضع السياسي والاجتماعي المتوتر الذي خلقته حكومة نيتنياهو في إسرائيل وانشغال الشارع في موجة الإصلاحات القضائية وتوجيه الطاقات نحو التوسع في المستوطنات واستهداف الضفة الغربية واستكمال المشاريع الدينية وبلا شك ما يتم خارجًا من اتفاقيات ابراهيمية ومواصلة سلسلة التطبيع ومنها اتفاق السلام الإسرائيلي – السعودي المرتقب، وجميع الممارسات التي تنأى بالعامل الفلسطيني عن المشهد وتعمل على تحييد وجوده  ضمن أي مشروع مستقبلي يرنو إلى إنشاء دولته المستقلة ما يخلق انفجارًا في معادلة مضاعفة الحصار على قطاع غزة وخلق مظاهر عنف غير مسبوقة ظهرت نتاج الإلغاء من معادلة الوجود والظهور.

 ولعل هذا الانشغال عن النقاط الحيوية للسياسة الإسرائيلية قامت بخلق نقاط عمياء كما يتم وصفها في العديد من الصحف عن حماس والاستهانة بها وبقدراتها التي تطورها منذ سنوات هي والبنية التحتية التي تسعى لتدعيمها وتظن القوات العسكرية الإسرائيلية أنها قامت بالحد من تطورها بل القضاء عليها وذلك ينعكس أيضا على إدعاءات تجاهل الاجتماعات التي تعقدها إيران مع حزب الله وحماس ما أسفر عن مراكمة العمل العسكري والإعلامي لحماس بشكل تدريجي.

المشهد الاستخباراتي  الحالي

دونًا عن الأولويات التي توجهها أجهزة الاستخبارات والأمن في إسرائيل بشكل عام على المخاطر المحتملة والملفات العاجلة في المنطقة سواء حول إيران وتفرعات أعمالها في المنطقة العربية أو جهودها الرامية لمتابعة تكديس نقاط تفوقها الاستخبارتية في المنطقة. فإن ما قبل 7 أكتوبر كان عامًا مليئًا بالتداخلات الهوياتية السياسية والعسكرية في إسرائيل من حالات رفض خدمة عسكرية إلى إضرابات ومسيرات منددة في حكومة نيتنياهو ما خلق توليفة انشغالات تصب حول الوضع الراهن داخل إسرائيل ورفع وتيرة التوتر بين الأجهزة السياسية والاستخباراتية والعسكرية على حد سواء.

 وبالرغم من استكمال العمل على أبرز المهام التي تداوم الأجهزة على توثيقها ونشرها وفق مواقيت وكشوفات تفوق الصراعات اللحظية مع تزويد الحكومة بأهم الكشوفات التي تعين على اتخاذ القرارات بدقة أعلى، إلا أن التراجع الملحوظ في الاستجابة النوعية والكمية للأجهزة الأمنية والاستخباراتية يعود لعامل حالات رفض الخدمة العسكرية والاحتدام بين القوات والشُعب المختلفة، حيث حالة عدم الاستقرار واللايقين انعكست سلبًا على القدرات والأداء المعتاد من قبل الأجهزة المعنية ما سبب الاضطراب والتصادم وحالة الهلع من الحرب بالرغم من الفوارق الضخمة في المنظومة العسكرية والأمنية التي تدشنها إسرائيل الدولة في مقابل حماس وأنفاقها.

 والمتصدر الحالي في المشهد الاستخباراتي هو دافيد بارنيا نائب رئيس الموساد السابق الذي قام نيتنياهو بتعيينه في 2021 ليصبح رئيس الموساد خلفا لـ يوسي كوهين. وبدأت أولويات عمل بارنيا تتمحور في بداية تسلمه المنصب على وضع إيران ومشروع سلاحها النووي تحت المجهر، وبرز دوره في الحرب الحالية من خلال الزيارات المتكررة التي قام بها مع رئيس الاستخبارات الأمريكية في قطر في ملف تسليم الرهائن الذي تم تعقيده وتقييده مع الفاعلين في المفاوضات وتداخلات نيتنياهو التي اصطدمت مع الشارع الإسرائيلي والمسؤولين الاسرائيليين. أما عن رئيس الموساد السابق كوهين كان له تصريحات تتضمن تخفيف حدة الانتقادات تجاه الوسيط القطري الفعّال في ظل الحرب، واعتبر استمرار المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن ضرورة. وُيجدر بالذكر أن كوهين بعد انتهاء رئاسته في الموساد يُعتبر دوره في المفاوضات (جزء من كل) تحت مظلة السلطات لكن بمسمى غير مُصرّح به علنًا.

عدوى نظرية المؤامرة

يكاد يتم النظر إلى مفهوم نظريات المؤامرة على أنها مُقتصرة على المنطقة العربية لما تحمله من إشكالياتها السلطوية والاتهامات التي تطولها في عمالاتها وغياب سيادتها بكل معانيها الداخلية قبل الخارجية واعتبار النوايا الحسنة والعفوية التي تقوم بها الأنظمة على أنها شرور محض ذو معاني دفينة تحمله الأيام لتكشفه السنوات لاحقا. وفي الحقيقة أن المجتمعات في أقطار العالم على اختلاف خصوصيتها تُخضع عشرات الأحداث اليومية منها والطارئة تحت عدسة كشف المؤامرة عليها وذلك انطلاقًا من عدة مسببات قد يكون من أهمها رفض الواقع وغياب الثقة تجاه الشخوص والوقائع الجارية والإيمان بأن الصدف لا تحدث دائما بلا خيوط يتم حياكتها مسبقًا.

 لكن يخضع مصطلح نظرية المؤامرة لاستخدام مبالغ فيه يكاد يُفقده دهشة وصفه في كثير من الأحيان، وهذا ما يحصل الآن داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يرتطم بحواجز أعداد القتلى والصدمات النفسية ما بعد العمليات العسكرية والضغط على السلطات في ملف الأسرى حتى يصل إلى حدود اعتبار أن 7 أكتوبر هي نتاج تواطؤ ومؤامرة أمنية وفق ما يتم تحليله في الخطاب الشبكي الاسرائيلي، مع ملاحظة وبروز أكبر لنسبة من يعتقد أن نيتنياهو (المتشبث بالسلطة) ومن حوله تعمدوا إغفال التحذيرات المسبقة نظرًا لما انشغل فيه المجتمع الاسرائيلي في ظل الأزمة الدستورية في حكومة اليمين المتطرف والانقسام في الشارع العلماني والمتدين.

 ولعل الاستقصاءات الشبكية التي تقوم بها الجامعات والمراكز أمثال الجامعة العبرية وغيرها ليست مستهجنة وعصيّة على الربط بين ما قبل 7 أكتوبر وما بعده، حيث إن قمنا بوضع ملف فهم تفرعات التواطؤ الأمني والتآمر على جهة ، فإن من الواضح للعيان أن نيتنياهو بالفعل تجاوز الحد الديمقراطي الذي كان يعتبر خط أحمر في معادلة الأمن الاسرائيلية والذي كان يتم صياغته والحفاظ على حدوده الدنيا منذ سنين، ومحاولات دفع العجلة العسكرية والسياسية في حكومته بالشكل الذي استمر عليه لم يؤدِ إلا إلى مزيد من المسارات المعقدة في الأوساط الاسرائيلية، وذلك في خضم تزايد وتيرة تأييد رواية تواطؤ المعارضة مع الجيش لقلب الحرب على نيتنياهو الذي يريد تحقيق أي نصر عسكري بأي طريقة.

 فلعل عامل الدفع بمزيد من المبررات التي حجبت النظر عن أولويات إسرائيل الاستخباراتية والعسكرية والاقتصادية لتحقيق مآلات نيتنياهو وحكومته ستكون واحدة من أكبر الملفات التي سيتم مناقشتها بعد الحرب بلا أدنى شك، أما ما يدور في فلك المساهمة في فتح باب الاختراق بسهولة فإنها ستخضع للفحص والتدقيق والمحاسبة الفردية والمؤسسية الشاملة في إسرائيل، كون الأضرار جسمية والحرب ما زالت مستمرة والثقة تكاد تنعدم في المسؤولين الحاليين على سدة الحكم، وحجم الصدمة لغاية اللحظة يساهم في توليد سيناريوهات مؤامرات جديدة بلا أدلة قاطعة لكن يصب معظمها ضد نيتنياهو نفسه.

الخاتمـة

  يستذكر البعض في 7 أكتوبر أوجه التشابه في الفشل الاستخباراتي الذي وقع على إثر الهجوم الذي شنته مصر وسوريا على إسرائيل ومدى تقاطع المسببات نفسها منذ 50 عامًا، حيث وقعت حرب تشرين في يوم كيبور (يوم الغفران) وهذا أحد القواسم المشتركة مع عطلة يوم السبت والأعياد ما حول 7 أكتوبر لكن ما أدى لتزايد حدة الحرب هذه دون غيرها كما ذكرنا يرتبط بحالة الاضطراب العسكري والسياسي الذي كان يقاسيه المجتمع الاسرائيلي بأشهر سابقة.

  وفي حين تشترك المقدمات أيضا في الاستهانة التي تم توجيهها لأي تحذير مسبق بخصوص أي هجوم عربي محتمل على إثر هزيمة 1967 وهذا ما تشترك به حرب 7 أكتوبر بالاستخفاف بقدرات حماس ومدى جهوزيتها لخوض حرب طويلة مع إسرائيل.

ولعل أغرانات 73 سيعاد إحياؤها بنصوص مماثلة ولكنها ستكون مواكبة لتطور 2024 الذي ستبدأه إسرائيل بمكاشفة علنية لجميع المعطيات التي فشلت في تقديرها، وهذا ما يستدعي  فحص مرحلي تشخيصي فوق التساؤلات التي سيتم الإجابة عنها وعرض وثائقها في السنوات القادمة، حيث دونا عن المكاسب التي تحاول أن تجنيها في الحرب من أبعاد التهجير والاختراقات الداخلية وغيرها، لابد أن هناك من يَعي أن التركيبة الإسرائيلية مُجتمعة من أفراد وجماعات ومؤسسات ستحتاج لإعادة تشكيل لما بعد الحرب وذلك لمعالجة الأضرار التي خلفتها الحكومة الأخيرة وما سيترتب على ذلك من تغيير في أولويات المكونات الاجتماعية والهيكلية المؤسسية والأهداف بعيدة المدى التي قد تعيد ترتيب المشهد وصياغة واقع جديد بمعطيات مغايرة.

زر الذهاب إلى الأعلى