تيّارٌ مُتطرّف يحكم إسرائيل… ما الذي يعنيه ذلك للأردن؟-صحيفة الراي اليوم

مقال لصحيفة الراي اليوم حول الجلسة التي عقدها معهد السياسة والمجتمع حول المشهد الاسرائيلي في الثامن من نيسان

تقدّم وزير البلاط والخارجية الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشر بمُقاربة جديدة للسياسة الخارجية الأردنية للتعامل مع القضية الفلسطينية مستندة على المطالبة بحقوق متساوية للفلسطينيين في ظل اتجاه الواقع نحو حقيقة الدولة الواحدة.

وناقش المعشر مع نخبة أكادميين وباحثين في جلسة خاصّة أهم النقاط والمحدّدات والعوامل الرئيسية التي يجب أن تساهم في رسم السياسة الأردنية القادمة تجاه القضية الفلسطينيّة وما إن كانت المقترحات هي المقاربة الأكثر واقعية وفاعلية في مواجهة الضغوط الجديدة.

وحسب ملخّص خاص للجلسة التي استضافها معهد السياسة والمجتمع ناقشت الجلسة المشهد السياسي في الأراضي المحتلة والتغيرات التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي بالإضافة إلى التغيّرات التي يشهدها الرأي العام الدولي تُجاه القضية الفلسطينية.

وقدّر الحضور بأن التحولات التي حدثت خلال ثلاثين عامًا من بدء عملية السلام تحتاج دراسة ومراجعة للمقاربة الأردنية ولجدوى التمسك بالاستراتيجيات القديمة التي لم يعد لها أي مفعول اليوم.

كما أشار بعض الحضور الى أن هذه الدراسات والمراجعات بحاجة الى الاستماع لجميع الأصوات وأخذها بعين الاعتبار لاتخاذ خطوات في اتجاه التعامل مع الخطر الأمني والاستراتيجي الذي يشكله وصول تيار متطرف لسدة الحكم في إسرائيل.

لا يغيب اليوم عن ذهن المتتبع للتطورات الأخيرة في الساحة الإسرائيلية، مدى تعقيد المشهد وحجم الانقسام الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي فالمشهد اليوم، لم يعد مجرد صراع سياسيّ على السلطة بين الأحزاب والتيارات وإنما تحوّل لانقسام حقيقيّ في المشهد نتيجة تحالف تيارات اليمين القومي “الصهيونيّة” مع تيارات اليمين الديني؛ أو بالأحرى “اندماجهم” في جسد “صهيوني ديني” واحد أدى لإنتاج حكومة إسرائيلية تصنف على أنها يمينية متطرفة على المقياس السياسي.

وقد أدى هذا التغير الجديد في الاتجاه السياسي الرسمي إلى استثناء شريحة كبيرة من المجتمع اليهودي من الحياة السياسية، خاصة من قاطني المدن الكبرى، وهي شريحة ذات ميول يسارية أو حتى يمينية معتدلة ما أدى لانفجار احتجاجات عارمة وانقسام حقيقي لم يشهد المجتمع الإسرائيلي مثيلًا له طوال تاريخه.

وبدوره ينتج هذا الانقسام بين مكونات المجتمع الإسرائيلي شرخًا بين المجتمع اليهودي الداخلي من جهة والمجتمع اليهودي في الغرب وغير اليهود أيضًا وذلك نتيجة أن إسرائيل سعت منذ نشأتها لتسويق نفسها في الغرب كدولة ليبرالية ديمقراطية في قلب الشرق الأوسط “غير الديمقراطي”.

وهو الأمر الذي طالما أشار له الغرب في رواياتهم كأحد أسباب تحالفهم مع إسرائيل لكونها دولة غربية ديمقراطية ليبرالية تتشارك معهم قيمهم ومبادئهم.
ولكن ومع الانقسام الذي يحدث اليوم، صارت هذه الرواية مهددة بشكل كبير وبدأ الشرخ بين إسرائيل والغرب بالاتساع والتعمق ليصبح شرخًا سياسيًا ظاهرًا على العلن بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية الحالية.
وبالطبع، لن يترجم هذا الشرخ الى أي تغييرات كبرى فيما يتعلق بالسياسات الأمريكية الداعمة لإسرائيل على المدى القصير خاصة مع حفاظ الجمهوريين على علاقات أفضل من الحزب الديمقراطي مع إسرائيل.

ولكن وفي حال استمرار المجتمع الإسرائيلي بالتسارع نحو اليمين فقد يؤدّي هذا الحال إلى تغيّرات في سياسات الإدارات الأمريكية على المدى الطويل وربما المتوسط أيضًا.
وفي خُلاصة النقاشات التي كانت مغلقة فإن الحكومة الإسرائيلية الحالية، حكومة ناتجة عن تيار يسمى بتيار الصهيونية الدينية.
وهو مزيج بين الصهيونية والتدين اليهودي ويختلف اختلافًا جوهريًّا عن الصهيونية العلمانية التي كانت المحرك الرئيسي خلف نشأة الكيان.
ولعلّ أبرز ما يميز هذا التيار هو تشدده الديني باعتبار أرض فلسطين أرضًا خالصة لليهود المتدينين ولا يحق لأحد غيرهم التواجد عليها بل وإن أبرز ما يميزها أيضًا اعتبارها للضفة الشرقية لنهر الأردن جزءًا لا يتجزأ من أرض الميعاد التوراتية مستندين على أدبيات وإطار أيديولوجي يعود الى ثلاثينيات القرن الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى