تقرير لـ “الراي اليوم” حول ندوة الاتفاق السعودي-الايراني عقدها “السياسة والمجتمع”
الرياض مُجازفة وخَطِرَة.. قراءةٌ بحثية أردنية في عُمُق الاتفاق “السعودي- الإيراني”: ليست أوسلو ولا زيارة السادات وأقرب إلى استدارة.. وأخطر ما في المشهد “الوسيط الصيني” لكن الميكانيزمات لا تسمح بـ”العُبور والاستقرار” وأفضل الخِيارات الانتظار والمُراقبة
ليست بالتأكيد مثل أوسلو ولا هي زيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى الكنيست الإسرائيلي، لا بل قد تكون مُجرّد “استدارة” لها ظُروفها وتعقيداتها ولا بد من قراءتها.
هذا هو الانطباع الأساسي في جلسة مغلقة نظّمها معهد السياسة والمجتمع أحد أهم المعاهد البحثية الأردنية لنخبة من الخبراء والأكاديميين الذين حاولوا التأسيس لقراءة أردنية منتجة مرتبطة بفهم الاتفاق المهم أو نقطة التحوّل كما وصف بين إيران والسعودية.
ومُحاولة احتواء تأثيرات هذا الإتفاق ومحدداته وما يمكن أن يئول إليه ليس بين البلدين تحديدا ولكن وفقا للبوصلة والدبلوماسية الأردنية وانحيازاتها في وقت لاحق.
التقدير الأبرز ذهب باتجاهين في تلك الجلسة المهمة والمثيرة والتي ناقشت بعض الأمور بصراحة.
الاتجاه الأول هو إن الحديث ليس عن نقطة تحول دراماتيكية اقليميا بعد الاتفاق السعودي الإيراني بل عن مجرد استدارة يمكن للأردن أن يراقبها ويفضل أن يفعل ذلك بصمت.
في المقابل برز الاتجاه الثاني القائل بأن الأردن وإزاء تلك الاستدارة أو بصرف النظر عن تسميتها تتطلب مصلحته فقط البقاء في منطقة التريّث والانتظار والمُراقبة وعدم استعجال أي اتجاه أو أي قرار بما في ذلك استئناف العلاقات الدبلوماسية أو تسمية سفير في طهران.
بين الحديث عن مُبالغات درامية في فهم ما حصل بين طهران والرياض وما يقابل ذلك من حديث عن محاولات تسطيح الحدث واعتباره حدث طبيعي له تعهّداته تردّدت الكثير من الآراء في الجلسة الصريحة والمفعمة التي استضافها معهد السياسة والمجتمع.
لكن أكثرية الاراء هي تلك التي رفضت التهويل والمُبالغة ورفضت في المُقابل تسخيف المسألة أو تسطيحها واعتبرت بأن ما حصل بين إيران والسعودية مهم بكل الأحوال.
وعلى الأردن أن يدفع دبلوماسيا باتجاه مراجعة أُطره الدبلوماسية وانحيازاته خصوصا في ظل رأي خبير يقول بأن “السعودية الآن بلدٌ خطير” في الحسابات الاستراتيجية الأردنية العميقة مع الإشارة إلى أن الأسباب التي دفعت الأردن لقطيعة دبلوماسية وعدم تسمية سفير مع الإيرانيين لا تزال موجودة حيث طموحات إيرانية سابقا باستعمال الأراضي الأردنية وصلت لحد “تجميع وتهريب سلاح”.
وبالتالي يتوقع الخبراء أن تبقى الإشكالات التي تحول دون علاقات دافئة وحميمية مع الإيرانيين موجودة لكن ذلك لا يعني برأي الخبراء التجاهل التطوّرات والحاجة الملحّة للاستفادة والاستثمار المحسوب في العلاقة مع إيران في البُعد السياسي والأمني والاقتصادي والإقليمي.
وجهة النظر الأهم الأخرى برزت عندما تعلّق الأمر بمحاولة فهم المدى الاستراتيجي والمسافة التي يمكن أن يقطعها الاتفاق السعودي الإيراني.
وهنا برز الرأي القائل أن هذا الاتفاق ينطلق من حقائق موضوعية من بينها أن البيت العربي غير موحّد تجاه الايرانيين والبيت الخليجي كذلك وحتى النخبة العراقية الحالية التي تحكم في بغداد تشعر بالملل والضجر من التبعية لإيران وتُريد التحلّل من القيود السياسية معها.
وبالتالي مصلحة الأردن هي التريث وعدم الاستعجال والاشارات كانت واضحة إلى أن الحديث عن الاتفاق الاستراتيجي كبير لا يُمكن تنفيذه في النهاية وسيلاقي العديد من المطبات والكمائن عند الانتقال إلى التفاصيل بين السعوديين والإيرانيين مع الإقرار بأن أهم ما حصل في هذا الاتفاق هو الوسيط الصيني المُحايد الذي صنع أو ساهم في صناعة هذا القرار.
لكن لا يُوجد لديه القوّة الكافية ليُشكّل بديلا عن الأمريكيين لا في المنطقة ولا حتى في عُمق الحسابات الاقتصادية والسياسية للحُكم السعودي الحالي.