كيف يمكن أن يشكّل التيار الديمقراطي الاجتماعي قوة سياسية وطنية صاعدة

مقدمة

العالم يتغير ويتطور بشكل سريع علميا وتكنولوجيا، والذكاء الإصطناعي وانترنت الأشياء بدأ يسيطر على عالمنا شيئا فشيئا فلا يعقل أن الحكومات والمؤسسات والأحزاب تعمل بذات الأدوات القديمة.

على الطرف المقابل تحاول بعض الأحزاب الناشئة التقدم بشيء جديد وتسعى إلى التطوير لكن ببطء شديد، ربما بانتظار وضوح الرؤية أو بسبب تحديات خارجية وداخلية. لذلك يجب توفير بيئة جاذبة ومناسبة للعمل الحزبي وإشتباكه مع المجتمع وتأثيره وأثره.

إنّ أغلب الأحزاب لدينا غير برامجية بالمعنى الحقيقي، فبرامجها فضفاضة وعامة وذات خطوط عريضة، ولا تستعين بمراكز أبحاث وبيوت خبرة “Think Tanks” لتستمد منها برامجها المستقبلية، فقط أشخاص يعتمدون على ماضيهم النضالي ينظرون، وتابعون يستمعون، وحتى بعض الأحزاب التي لديها برامج مقبولة نوعا ما وتسعى إلى تطوير منهجيتها ولديها استراتيجية، فهي ليست جاهزة لتسلم “حكومة” فاعلة بعد، أي ليس لديها أشخاص وقادة ونخبا ذوي حضور فاعل، ومؤهلين سياسيا وعلميا وعمليا لتسلم حقائب وزارية ضمن برنامج واضح لكل وزارة.

الأحزاب بحاجة إلى تعزيز وجود نسق مجتمعي حقيقي داعم لانخراط الشباب والنساء في الأحزاب وهياكلها بالتزامن مع تغيير في منظومة التحديث السياسي ومشاريع القوانين التي أقرت منذ أشهر من قبل مجلس الأمة، تتداول السلطة داخل الأحزاب نفسها للخروج من بوتقة أحزاب الشخوص، قبل تدوال السلطة التنفيذية.

علينا الوقوف أمام مئوية الدولة الأردنية وأيضا مئوية الأحزاب الأردنية التي مرت من هزيمة إلى اخفاق بسبب ظروف خارجية وداخلية، وبسبب تجريف النظام السياسي للعمل الحزبي المنظم، ضمن مبررات قد تكون مقبولة بالماضي، والذي عمل جاهدا على منع أي تخثر حقيقي للعمل السياسي المستقل، هذا من جانب، أما الوجه الآخر للصورة نجد أن لا السلطة التنفيذية ولا المعارضة لديها برنامج واضح المعالم أو استراتيجية واضحة وخطة متكاملة، وتتغير بتغير الحكومات.

ملامح المشهد الحزبي القادم

في المستقبل وبناء على مؤشرات الوضع الحالي والحراك المحموم لـتأسيس أحزاب سياسية بتلاوين مختلفة جزء كبير منها معتمد على نخب لا يجمعهم هوية سياسية أو برامجية كإطار عام، ستتشكل أربعة تيارات سياسية في الأردن في المستقبل القريب، وهي: التيار الإسلامي بأطيافه (جبهة العمل الإسلامي الأقوى، والائتلاف الوطني، وغيرها) والتيار المحافظ من كبار الضباط المتقاعدين وبعض رموز العشائر ومن شخصيات ووزراء ونواب سابقين، وتيار ليبرالي إقتصادي وينتهج ويعتمد مبادئ السوق الحر والحريات المطلقة ونواته رجال أعمال ونخب رأسمالية وأصحاب مصالح ولهم ادواتهم القوية من توظيف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة لترويج وفرض فكرهم وبرامجهم. وتيار يسار الوسط أو التيار الديمقراطي الإجتماعي بكافة أطيافه الفرعية الذي سيتشكل لوجود فراغ كبير  لتيار ثالث من يسار الوسط الذي ينادي بالديمقراطية الإجتماعية والاقتصادية ومبادئ السوق الإجتماعي، وينادي بقيم العدالة والتضامن وسيادة القانون والحقوق.

 ومعظم الأحزاب الخمسين حاليا لن تستطيع الصمود أمام متطلبات القانون الجديد للأحزاب ولن تستطيع تحقيق العتبة في قانون الانتخابات البرلمانية القادمة بعد سنتين ونصف تقريبا، فستتهاوى تباعا، ولا يوجد عندها مشروع توحيدي أو إطار سياسي يجمعها.

الرهان الآن

الرهان الآن وفي المرحلة القادمة على إنجاح مشروع التحديث السياسي الذي يرتبط بتطور الحياة الحزبية فإنّ الجيل الجديد هو فرس الرهان، الذي إذا تحرّك وتفاعل مع المرحلة الجديدة سيدفع بالمشروع الجديد إلى الإمام، والعكس صحيح، فإذا لم يشعر المجتمع بأطيافه بالرغبة والقدرة أو القبول بالاندماج في العمل السياسي فإنّ فرص الوصول إلى حكومات برلمانية حزبية بعد عشرة أعوام ستكون محدودة، وسينعكس ذلك بصورة كبيرة على مشروع التحديث السياسي أو التحول الديمقراطي. 

والأهم أن تكون هناك استراتيجية واضحة لدى هذه الأحزاب، تستشرف المستقبل، وتهيئة البيئة الداخلية والبنية التحتية، واستدامة التطوير بناء على التعلم والتعليم والتدريب والتمكين وتعزيز القدرات.

هل هناك استعداد لتشكيل تيار ديمقراطي اجتماعي في الأردن؟ 

هل هناك استعداد لتشكيل تيار ديمقراطي اجتماعي حقيقي قادر في الوقت الحالي سدة الفجوة بين اليمن المحافظ والاتجاه الإسلامي، ويمكنه التأثير في المجتمع والوصول إلى قضاياه وهمومه الإقتصادية والاجتماعية والسياسية. 

الجواب: نعم ولكن

فالدميقراطية الاجتماعية اسم جاذب بخاصة للفئات الجديدة على العمل الحزبي، وخاصة أن الدول في أوروبا وأمريكا الجنوبية وبعض الدول الآسيوية تم انتخاب الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية فيها.

        ممكن وبقوة وجود تيار ديمقراطي اجتماعي في المستقبل القريب لكن بمقومات:

         هذا التيار له نواته ومريديه وإطار صديق ممثلا بحزب ديمقراطي اجتماعي حديث التأسيس في العام ٢٠١٦، وله قواعد مجتمعية قليلة رغم أنه لا يعتمد على النخب لكنه حزب جاذب للشباب والنساء بسبب سرديته ولفلسفته ولونه السياسي وفكره البرامجي ويملك مرونة ويقبل تيارات ثقافية وفكرية داخله وينمو بشكل منهجي رغم قلة الموارد، التي تبطئ عملية النمو، ويحتاج لتطوير أدواته الإعلامية وخطابه، ليستطيع بناء قواعده الإجتماعية، ولديه برنامج طموح ومنافستو واستراتيجية لكنها تحتاج لكثير من التطوير والجهد للبناء والتطبيق، ومع البيئة السياسية الجديدة الأكثر ملاءمة للعمل الحزبي، ولديه مقومات ومؤهلات تستطيع إستقطاب الشباب والنساء بشكل أكبر وأسرع من غيره من الأحزاب – بإستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، وبشكل معقول حزب الإئتلاف الوطني.

         ويتميز الحزب الديمقراطي الاجتماعي بوجود جناحين للشباب (شدا- شباب ديمقراطي اجتماعي) وجناح للمرأة (ندا- نساء ديمقراطيات إجتماعيات)، وقد استطاع تنفيذ برامج تدريبية عديدة وتمكين وتعزيز ورفع قدرات هذين الجناحين.

         لكن يحتاج الحزب بجناحيه إلى تطوير بنيته وتحديث أدواته في الاستقطاب الشبابي في الجامعات – رغم أنه بدأ بخطوات نحو التوجه للجامعات عبر مسارين (المعسكرات الطلابية للجامعات “12 معسكرفي المحافظات، والعمل داخل الجامعات من خلايا طلابية لتشكيل قائمة تيار ديمقراطي ثالث لخوض الانتخابات الطلابية)- وغيرها والتوجه نحو العمل الجماعي المؤسسي، وهناك محاولات جادة على هذا الصعيد، وهذا ينطبق على أحزاب الإتجاهات الرئيسية القائمة الآن أو القادمة، وذلك تماهيا مع قانون الأحزاب الذي أقرته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

       ومن المهم تشكيل تيار ديمقراطي اجتماعي حقيقي قادر في الوقت الحالي التأثير في المجتمع ليضم كافة المنادين بالديمقراطية والدولة الحديثة المدنية. وهذا ممكن وبقوة في المستقبل القريب بشرط توحيد الجهود وعدم الشخصنة وعدم إحتكار الحقيقة وإدعاء تملك العصى السحرية الجاذبة، وإذا تمسك البعض بمشاريع تأسيس أحزاب جديدة ستتشظى إلى شيع وفرق لا تمكنها من تحقيق وحدة التيار الديمقراطي، وبالتالي لن يتمكن من الحصول على مقاعد كافية في قلوب الناس وفي البرلمان. ويجب أن يكون الحزب حاملا لبرنامج طموح، ويحتاج الكثير من الجهد للبناء والتطوير والتطبيق، ويكون لديه مقومات ومؤهلات تستطيع استقطاب الشباب والنساء بشكل أكبر وأسرع من غيره من التيارات.


      يحتاج هذا التيار إلى الإعتماد على تشكيل جناحين شبابي ونسائي حيث أن ٦٥% من المجتمع تحت سن ٣٥ عاما، وعدد الطلاب على مقاعد الدراسة في الجامعات الرسمية والخاصة أكثر من ٣٥٠ ألف طالب، والنساء يشكلن نصف المجتمع فيحتاج إلى جناح نسائي يتبنى قضاياهن ودورههن في المجتمع ويعزز مشاركتهن في الحياة السياسية والعامة.

       ويحتاج هذا التيار بجناحيه أيضاً إلى تطوير بنيته وتحديث أدواته في الإستقطاب المجتمعي والتوجه نحو العمل الجماعي المؤسسي، وهناك محاولات جادة على هذا الصعيد،  وهذا ينطبق على أحزاب الإتجاهات الرئيسية القائمة أو القادمة، وذلك تماهيا مع قانون الأحزاب الذي أقرت التوصية به اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

   يحتاج ظهور هذا التيار لمقومات موضوعية

  1.  تشخيص فعال للحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونقاط القوة والضعف والفرص والتحديات
  2. إمكانية تطوير نقاط القوة والفرص وتعظيمها والتغلب على التحديات ونقاط الضعف
  3. تجسير الفجوة بين بنية المجتمع “الفتية” والبنية التقليدية 
  4. العمل برؤيا واضحة المعالم واستراتيجية متوسطة المدى قابلة للتنفيذ.
  5. إيجاد الحلول الممكنة 
  6. توسيع فرجار الإستقطاب ليشمل جميع المحافظات وإشراك جميع أطيافه وألوانه.
  7. يحتاج أيضا إلى برنامج إجتماعي يلامس القضايا الإجتماعية والاقتصادية الحقيقية الآنية والمستقبلية التي يعاني منها الناس ومحدد المعالم وليس مبادئ أو إطار عام فضفاض.
  8. يحتاج هذا البرنامج إلى شخصيات – مطعمة بقيادات شبابية ونسائية مؤهلة وقادرة على حمله والدفاع عنه وطرحه بقوة في المجتمع، وفي الانتخابات القادمة أكانت برلمانية، أو بلدية أو نقابية أو طلابية.
  9. يحتاج إلى إرادة جماعية والابتعاد عن الفردية والأنا العالية، والتي ستذوب مع العمل الجماعي المؤسسي.

التيار الديمقراطي الاجتماعي والبرنامج الاقتصادي

     طبعا قبل ذلك يحتاج هذا الزخم إلى دعم مالي مبدئي، وهو التحدي الأكبر. فمن أساسيات فكر الديمقراطية الاجتماعية واهتماماتها بالدرجة الأولى التعليم والصحة والتأمينات الإجتماعية والنقل والبنية التحتية (ومنها التكنولوجيا الحديثة والذكاء الإصطناعي)، وتحويلها إلى برامج واقعية، ويجب التوجه لإصلاح هذه المنظومة مباشرة، بعد تمهيد الطريق لإصلاح سياسي واضح وخارطة طريق نحو مجالس نيابية حزبية برامجية وحكومات برلمانية لديها برامج حقيقية تلامس حاجات المجتمع والوطن.

       من ركائز برنامج التيار الديمقراطي الإجتماعي الإصلاح الإقتصادي والذي يعاني في الأردن من تشوهات وعجز هيكلي مزمن، ويبدأ من الإصلاح الضريبي، ففي كل دول العالم، ثمة فلسفة من قانون ضريبة الدخل، أساسها تحقيق العدالة ومحاولة إعادة توزيع مكتسبات التنمية. فيجب إعادة النظر في منظومة ضريبة الدخل والمبيعات لتكون أكثر عدالة، وتطبيق مبدأ الضريبة التصاعدية على المداخيل والأرباح. ومن الضروري ايضا الاستفادة القصوى من الثورة الرقمية، ويجب على تيار الديمقراطية الإجتماعية الإسراع في تبني الحلول الرقمية وهذا قد يساعد على تحقيق زيادة هائلة في إمكانية النمو والتنمية وإتاحة فرص اقتصادية جديدة، إذ يمكن تبني الثورة الرقمية أن تؤدي أيضاً إلى تحوُّل جوهري في القطاع العام، من حيث الشفافية والنزاهة، وتقليل الهدرويساهم هذا بنمو القطاع الخاص بحيث يصبح هو المشغل الأكبر للأيدي العاملة وبالتالي تعود الطبقة الوسطى إلى دورها الريادي.

      ومن منهج الديمقراطية الاجتماعية الاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية لتحقيق تنمية مستدامة لمجتمع متحرر من الجهل والجوع والخوف، متحرر من الإكراه والخضوع ومن الإحتقانات التي تسببها الفوارق والامتيازات والتمييز، ومجتمع متحرر من الانقسامات والعصبيات، مجتمع المواطنة المتساوية حيث تكافأ القدرات والإبداع والعطاء دون إجحاف وحيث يكون للجميع الحقوق والقيمة نفسها بما يجسد المعنى الكامل لسيادة القانون والدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات.


  القيم السياسية والديمقراطية كأساس للفكر الديمقراطي الاجتماعي

    الفكر الديمقراطي الإجتماعي ليس فكرا جامدا متصلبا، بل منفتحا يتطور مع الخبرة والتجارب ويتعدل ذاتيا بناء على المعطيات الواقعية وخصوصية كل بل أكان في دول العالم الثالث أو الدول المتقدمة، وفي ظل أنظمة ملكية أو جمهورية.

      إن قيم الحرية وحقوق الإنسان والتنمية الثقافية والروحية والإبداع واحترام الخصوصية والتنوع ونبذ التمييز والعنف والتطرف وإعلاء شأن التضامن المجتمعي والتعاطف والوقوف مع الفئات الضعيفة والهشة والمهمشة، هي من صلب الفكر الديمقراطية الإجتماعية إلى جانب إقتصاد عادل ومتطور لايوجهه الربح فقط، والحوافز المادية الشخصية، بل قيمة انسانية تحرص على تعميم الرفاه ومكاسب النمو والتنمية وتقليل الفوارق والفجوات الإجتماعية.

        إنّ الدولة بمؤسساتها هي المنوط بها تحقيق التوازن والعدالة وتصويب الإختلالات ومنع التغول. وفي الوقت الذي تحترم الحريات والتنافس والمكتسبات الخاصة وقوانين السوق والتجارة، فإنها تراقب القطاع الخاص وتعتبره المشغل الرئيس للعمالة والموارد البشرية، وأيضا تنمي القطاع العام وتوجه الموارد قدر الإمكان للإنفاق على الخدمات العامة من تعليم وصحة ونقل ورعاية اجتماعية وبنية تحتية، وتحقيق أفضل قدر من الرفاه للجميع، لكي يستطيع الأردن بدء عملية نمو وتنمية حقيقية وتحول اقتصادي اجتماعي.

       من الجدير بالذكر هنا أنّ أكثر من ثلث البرلمان الأوروبي من أحزاب ديمقراطية اجتماعية، ومعظم الدول الأروبية تحكمها أحزاب ديمقراطية إجتماعية، حيث كانت هذه الدول الأقل تضررا في الأزمة العالمية في العقد الماضي، وأيضا في أزمة كورونا، فإن وجود هذا التيار ضرورة للدولة الأردنية ومصالحها في أوروبا والعالم.


      ويجب على هذا التيار إحترام التيارات الأخرى وعدم شيطنتها واللجوء إلى أدوات الإستقطاب الحادة، لكي يستطيع الأردن بتياراته بدء عملية نمو وتنمية حقيقية وتحول اقتصادي اجتماعي

  قواعد التيار الديمقراطي الإجتماعي

    القاعدة الاجتماعية أو المجتمعية التي يركز عليها التيار الديمقراطي الاجتماعي ويستهدفها هي الطبقة الوسطى والمهمشة من خلال خطاب يركز على تقليص الفجوة الطبقية وتطيبيق واضح لمفهوم العدالة الاجتماعية، فإنّ الفرصة كبيرة لإيجاد قدم كبيرة في الساحة السياسية، ويتطلب خريطة طريق واضحة وجدّية تأخذ بالاعتبار الجيل الجديد وثقافته وقدرة التيار والقوى والأطياف والشخصيات على الخروج من الذاتية إلى المصلحة العامة.

المراحل الزمنية للعمل الحزبي المنتج

  1. مرحلة التصويب وتشمل تلبية متطلبات الحصول على الترخيص وعقد مؤتمرها الأول بالشروط الواردة في القانون وبقي 8 أشهر فقط بحد أقصى لإتمام هذا المرحلة لشهر 4 من العام القادم 2023.
  2. مرحلة التحضير للانتخابات البرلمانية 2024 ، وإعداد الخطاب الإعلامي وبناء القواعد الاجتماعية والجماهيرية. 
  3. مرحلة الإنتخابات نفسها 2024 وخوضها بقائمة حزبية (قد تشمل تحالفات مع أحزاب أخرى)، وأيضا بقوائم مشتركة للدوائر الفرعية.

     سيناريوهات مستقبل التيار الديمقراطي الاجتماعي

      إن تأطير الخطاب الديمقراطي الاجتماعي، وتحويله إلى لغة قريبة من الشارع، وقادرة على الانتقال من المضمون الأيديولوجي النخبوي إلى الثقافة الشعبية ومطالب الناس وهمومهم، فمن الضروري لهذا التيار تحديد “تموضعه” في المشهد السياسي، فيما إذا كان يصنّف نفسه اليوم ضمن أروقة الحكم أو المعارضة التي تقدّم بدائل وحلول برامجية واقعية.

   والهدف الأساسي هو بناء قواعد إجتماعية قوية تستطيع إيصال الحزب إلى البرلمان والحصول على مقاعد وازنة تؤهله للتأثير التدريجي في المجنمع وترسيخ خطابه وتمثيله للطبقة الوسطى والمهمشة الأكبر في المجتمع ومشاركته في تشكيل الحكومات.

       إن أمام التيار الديمقراطي الاجتماعي السيناريوهات التالية:

  1. أن تتجمع القوى والمجموعات المرتبطة بهذا الاتجاه في الحزب الديمقراطي الاجتماعي ويذهب إلى مؤتمره الأول تماشيا مع متطلبات التصويب حسب القانون الجديد للأحزاب، وفي هذا المؤتمر يذهب الكل سواسية فليس هناك عضو قديم أو جديد، ويتم طرح ووضع كل موضوع على طاولة الحوار والتوافق على: الاسم، والشعار والبرنامج السياسي والنظام الداخلي وغيرها من الأهداف والبرامج.
  2. أن يحدث تحالف حزبي بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي والحزب/الأحزب الجديدة التي تحمل نفس اللون – إن نجحت في تلبية متطلبات التصويب. وذلك لخوض أي انتخابات قادمة، وهذا التحالف يتحدد في الإنتخابات ضمن حسابات مصلحية وخارطة انتخابية معقدة.
  3. أن تفشل هذه المحاولات ويبقى الحزب الديمقراطي الاجتماعي ممثلا لهذا التيار، ووجود حزب آخر يتبنى هذا الفكر أو الخط، وتبقى المنافسة على القواعد الاجتماعية، وهذا يشتت تلك القواعد، ويشوش الخطاب الاعلامي والانتخابي لدى الناخبين، وبالتالي تضيع فرص الحصول على مقاعد وازنة في الانتخابات القادمة.

خلاصة

       هناك فرصة لتحالف قوي وصلب ينأى عن الحسابات الضيقة والأنا والمصلحية الفردية لصالح العمل الجماعي ووجود مشروع سياسي قوي يمثل التيار الديمقراطي الاجتماعي، وفيما إذا كان تياراً متناغماً منسجماً موحداً أم سيستمر كجزر معزولة، وغير ذلك لن يكون قادرا على المنافسة مع الأحزاب الإسلامية أو المحافظة.

زر الذهاب إلى الأعلى