معهد السياسة والمجتمع … ” إخوان الإخوان ، حالة تتجاوز التنظيم وتحدّث الفضاء الملتزم “
ناقش معهد السياسة والمجتمع السبت ورقة بحثية بعنوان ” الإخوان المسلمون في الأردن : الاضطرابات الداخلية في ظل فجوة الأجيال وتجاوز الأطر التنظيمية ” للباحث محمد الأمين عساف ، شارك فيها مجموعة من الخبراء والمختصين والناشطين في الشأن السياسي والإسلامي .
وقدم عساف الورقة في خمس محاور ابتداءً من تقلبات التيارات في داخل الحركة الإسلامية وتغير أشكالها وتعريفها واستعرض فيها أهم آثار ومظاهر وأطراف الأزمة الداخلية في الحركة وصولاً إلى وضعها القائم ، واستعرض مجموعة من المحطات العملية المفصلية في السنوات الماضية، وكيف أسست هذه الحالة لحالة توسع خارج إطار التنظيم بعد خروج أعداد من النخب الفاعلة في الحركة .
ثم تعرّج الورقة على ما أسماه الباحث ” حالة إخوان الإخوان ” وتوسع “الفضاء الملتزم ” في وصفه لتوجه أعداد كبيرة من الشباب الملتزم إلى فضاءات خارج أطر جماعة الإخوان المسلمين ، وإلى فضاءات أقل تسييساً ، وإلى ظواهر فردية ومؤسسية تتجاوز حالة الإسلام السياسي إلا أنها لا تتعارض مع الجوهر القيمي للحركات الإسلامية ، وإن اختلفت معها بالتصورات السياسية والأدوات ونوعية الخطاب، ويعد أهم خصائص هذا الفضاء الملتزم أنه ذو ثقافة عالية ومواقف متقدمة فكرياً ، وأنه يستخدم أدوات أكثر حداثة ومرونةً من الأدوات التي اعتادت أن تستخدمها التنظيمات السياسية التقليدية .
في محورها الثالث ناقشت الورقة الأسباب الموضوعية لنشوء مثل هذا التوسع ابتداءً من تطور حالة الوعي السياسي لدى مجموعات شبابية داخل الإخوان في فترة الربيع العربي وتعاملهم مع المكونات السياسية المتنوعة على الساحة الأردنية وصولاً إلى انفتاح آفاق معرفية وثقافية جديدة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتقدم التكنولوجيا ومصادر المعلومة وصعوبة تقييدها ، وختاماً تأثير انخراط الشباب الإسلامي في مؤسسات المجتمع المدني وتطور أدواته وخطابه ، كما بين عساف حدوث تطور في صورة الفاعل السياسي لدى النخب الشبابية في الفضاء المتلزم من صورته الصدامية إلى صورة أكثر مرونة وبراغماتية .
وأكدت الورقة على أن هذه الحالة تأتي في سياقات عالمية مرتبطة بتوجه العالم نحو تسييل المفاهيم والمؤسسات عموماً وتوجهها إلى أشكال أقل صلابة من السابق إضافة إلى ما تفرضه عوالق الحالة التاريخية من التأزم السياسي في المنطقة العربية والأردن على وجه الخصوص .
كما تشير الورقة إلى احتمالات و توجهات لبعض التيارات الإسلامية بعد تغيير الأوضاع السياسية في البلاد وانفتاح آفاق جديدة ، وكيف أن أزمة إعادة التعريف والتمثيل التي يواجهها من غادروا التنظيم تضع خيار العودة أمامهم مرةً أخرى ، تطرح الورقة عدةً تساؤلات أهمها إن كانت الحركات السياسية بشكلها الحالي مازالت قادرة على استقطاب الشباب مرةً أخرى وهل هذه التنظيمات تمتلك القدرات والأدوات والمهارات التي تتناسب مع هذه الأجيال ، وهل يكفي هذه الحركات أن تلملم صفها الداخلي لتكون جاذبة للشباب خصوصاُ في ظل المسافة الطويلة بينها وبين مهارات وتصورات وأدوات أجيال تمارس السياسة وتفهمها وتعبر عنها بطريقة مختلفة تماماً .
فيما قدم المشاركون العديد من المشاركات والتساؤلات المهمة في نقاش الورقة، إضافة لطرح مجموعة من الإضاءات النوعية أهمها التساؤلات عن بعض المفاهيم التي ما زالت عالقة في الذهنية المتناولة للحالة الإخوانية ، ثم آليات التعاطي مع الحركة بشكل موضوعي يضمن عدم إغفال أي متغيرات ومحددات من المحددات الكثيرة التي تلمس وتأثر على الحالة الإخوانية ، ومروراً على تطور الحالة والذهنية الشبابية عند أطياف الإخوان المتنوعة ، وإعادة تعريف الفاعلية السياسية وأسس تقييمها .