السياحة الصحية في الأردن
، ما الذي يؤخرنا عن صدارة هذا القطاع في المنطقة؟
- وفر الإرادة السياسية لدعم السياحة الصحية سيؤدي لعائد مالي عالي ينعش الاقتصاد الوطني
في بلد أُجريت فيه أول عملية قلب مفتوح في الوطن العربي عام ١٩٧٠، وبعدها أول عملية زراعة كلى في الوطن العربي عام ١٩٧٢، وفيه ولد أول طفل أنابيب في الوطن العربي في عام ١٩٨٦. وفي بلد يتمتع بموقع جغرافي مناسب واستقرار أمني ومناخ جوي مقبول، وسمعة صحية عالية المستوى. وفي بلد فيه الحد الأدنى من مقومات دعم السياحة الصحية ( شبكة طرق، مرافق سياحية و آثار، أسواق، فنادق ومساكن بمستويات مختلفة، شركة طيران وطنية )، وفي بلد يمتلك الكفاءات الصحية البشرية والمؤسسات المعروفة على مستوى المنطقة، يأتي السؤال: ما الذي يؤخرنا حتى الآن عن العودة للتميز في هذا القطاع وتعزيز الدخل القومي من موارده؟
الإجابة هي أنه لا شيء يمنعنا سوى البدء بجعل هذا الأمر أولوية رئيسية على كافة المستويات، وتنسيق العمل بين القطاعات الموجودة للخروج بصيغة عمل تحقق الجودة ضمن تكلفة معقولة وبيئة جاذبة.
في جائحة كورونا وعند وصول كميات إضافية من المطاعيم، تم تأسيس منصة “سلامتك” والتي كانت تمريناً مهماً جداً نستطيع البناء عليه في مشروع إعادة فعالية السياحة الصحية. حيث كانت هذه المنصة مسؤولة عن تنظيم سياحة المطاعيم والتي على أساسها قام الكثيرون من الأشقاء العرب بالتسجيل من خارج الأردن و وصلوا الى المملكة و أمضوا فيها فترة زمنية حصلوا خلالها على الجرعات المطلوبة من المطاعيم ثم انطلقوا الى بقاع الدنيا ليعودوا لأعمالهم فيها بعد أن اعاقهم عن العودة لأعمالهم عدم حصولهم على المطاعيم في بلادهم. هذه المنصة نسقت حجوزات الطيران وحجوزات السكن وجرعات المطاعيم، وساهمت في تنشيط السياحة الصحية حيث تم تسجيل ما يقارب ٦٠ ألف شخص للاستفادة من خدمات السياحة الصحية في جائحة كورونا.
مع وجود هذه المنصة وتطويرها واعتمادها كمرجع للاتفاق بين متلقي الخدمة ومقدمها، لا يوجد أي شيء يعيق عودتنا للريادة في هذا القطاع، فما نحتاجه هو التنسيق والرقابة والاستمرار في متابعة هذا المشروع بدل البقاء في خانة الشعارات والخطابات. و أنا أزعم أنه لو قامت الحكومة بتنفيذ مخرجات ورشات التحديث الاقتصادي حول هذا المحور، فإننا قادرون على ان نتصدر هذا القطاع في هذا الإقليم. حيث أن توفر الإرادة السياسية لدعم السياحة الصحية و تعديل قرار التأشيرات للجنسيات المقيدة و تنظيم عمل المؤسسات التي تنوي تقديم هذه الخدمات وفرض رقابة مركزيه على جودة عملها، كل هذا سيؤدي لعائد مالي عالي ينعش الاقتصاد الوطني ويرفد الخزينة، والأهم أنه سينعكس إيجابيا على جودة الخدمات الصحية التي سيتم تقديمها للمواطن الأردني أيضا بسبب تخصيص نسبة من عوائد السياحة الصحية لرفد صناديق التأمين الصحي.
لا نحتاج الكثير، فقط نحتاج لمن يعمل بعد أن تم قرع الجرس كثيراً.