إصدار كتاب “ما بعد الخلافة: هل سيعود تنظيم داعش من جديد؟”
يحاول الكتاب البحث بشكل معمق حول التداعيات والنتائج المترتبة على انهيار “دولة داعش” في العراق وسوريا سواء على صعيد المنظمة نفسها وقدراته في التجنيد والدعاية السياسية والإعلامية والتعبئة والصلابة الإيديولوجية والتماسك التنظيمي أو على صعيد قدرة التنظيم على النهوض والصعود مرة أخرى بعد الإعلان عن مقتل زعيمه الخليفة “أبو بكر البغدادي” في 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 في عملية أمريكية خاصة بعد أعوام من المتابعة الأمنية المكثفة وجهد استخباراتي مشترك أشرفت عليه الولايات المتحدة.
يطرح الكتاب تساؤلات عديدة مهمة سعى إلى الإجابة عليها في فصوله من أبرزها، هل طرأت أي تحولات على الصعيد الإيديولوجي والفقهي والفكري؟ وهل الأحداث المتتالية أضعفت البنية الإيديولوجية والفقهية أم العكس؟ هل انتهت فكرة الخلافة الواقعية بعد أن تحولت لاحقًا بعد خساراته في سوريا والعراق إلى افتراضية؟ كيف يبرر التنظيم ما حدث معه أيديولوجيًّا؟ و ما الوعود التي يقطعها على اتباعه للمرحلة المقبلة؟
على صعيد الدعاية الإعلامية والسياسية والتعبئة، ما مصير ماكينات تنظيم داعش الإعلامية الكبيرة؟ وما المسارات والنتائج المتوقعة مستقبلًا؟ خاصة وأن التنظيم انتقل من الأسلوب النخبوي -كما القاعدة- إلى الأفقي، والذي يمنح لأي شخص يحمل هاتفًا محمولًأ متصلًا بالانترنت العضوية في التنظيم من خلال ما يسمى “الذئاب المنفردة”.
على الصعيد العالمي والإقليمي، ما هو حال التنظيمات الجهاديّة المنتمية إلى داعش الآن؟ وكيف هي علاقتها مع التنظيم الأم؟ و ما هو مستقبل العلاقة بين تنظيم داعش والتنظيمات الجهادية الأخرى؟
ماذا عن تركة داعش الثقيلة؟ ما هو مصير المعتقلين و العائدين من أبنائه؟ وما هو مصير الأحداث ومستقبلهم؟ والنساء اللواتي انخرطن في التنظيم و زحفن إلى مناطق سيطرته؟ وهذا مرتبط بتساؤلات أخرى يتناولها الكتاب متعلقة باتجاهات الحكومات والسياسات والاستراتيجيات المتبعة في مكافحة الإرهاب والتطرف وبرامج إعادة التأهيل ومحاولات الإدماج.
والتساؤل العام والأهم، ما مدى قدرة التنظيم على تشكيل خطر –على المدى القريب- على الأمن الدولي والأمن الإقليمي.
قُسم الكتاب إلى ستة فصول ملتزمًا بأعمال المؤتمر الذي تضمن ست جلسات، مرفقًا أوراق الباحثين والمناقشات والتعقيبات والتوصيات التي أنهى بها المؤتمر أعماله.
مرحلة ما بعد الخلافة؛ الإيديولوجيا و الدعاية والتجنيد
تناول هذا الفصل مشروع داعش الإيديولوجي ونقاشاته الفكرية قبل و بعد انهيار التنظيم، وانعكاس ذلك على الدعاية الإعلامية والسياسية وقدرته على التجنيد. كما سلط الضوء على النقاشات و الجدالات الفقهية والفكريّة في أوساط الجهادية العالمية و داعش تحديدًا قبل و بعد سقوط دولته.
مستقبل داعش في سوريا والعراق
تناول الفصل الثاني تقييم الوضع الراهن بعد أن فقد التنظيم السيطرة على مدن رئيسية في كل من العراق وسوريا بما يتعلق بنشاطاته وعملياته وتموضعه الحالي وتركته الحالية وأعداد مقاتليه.
داعش، آليات التكيّف العسكري والاستراتيجي في مرحلة “ما بعد الخلافة”
أما الفصل الثالث فقد تطرق إلى آليات التكيف العسكريّة والاستراتيجية لدى تنظيم داعش على ضوء المتغيرات والتطورات التي تحيط به، وتأثير مقتل العديد من قياداته العليا على قدراته المختلفة.
تركة داعش البشرية: العائدون والمعتقلون وبرامج التأهيل
حاول الفصل الرابع كشف الغطاء عن أزمة تركة داعش من خلال فتح ملف العائدين والمعتقلين والأطفال والنساء في المخيمات والتطرق إلى السياسات المتبعة وبرامج إعادة التأهيل. وقد اتخذ الفصل من مخيم الهول الواقع شرقي محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا نموذجًا للدراسة.
استراتيجيات وسياسات مكافحة التطرف والإرهاب
تناول الفصل الخامس مراجعة وتقييم الاستراتيجيات والسياسات الدولية والاقليمية المعنية بمكافحة التطرف العنيف والإرهاب، وما المطلوب في المرحلة المقبلة بعد تقييم تلك الاستراتيجيات، وقد أشار الفصل إلى نماذج عالميّة في مكافحة الإرهاب والتطرف، وسلط الضوء على الاستراتيجية الوطنية الأردنية في محاربة الإرهاب
مستقبل الجهادية العالمية: اتجاهات ومقاربات
ركز الفصل السادس والأخير على الحالة الأفريقية وانتشار الجماعات الجهادية في القارة خلال الأعوام الأخيرة، كما تطرق إلى المدارس والاتجاهات المستقبلية في أوساط الجهادية العالمية.
سعى الكتاب إلى إزاحة اللثام عن العديد من الموضوعات المتعلقة بانتشار التنظيم ونشاطه ومستقبله في المرحلة المقبلة، وإلى جدية وفاعليّة السياسات الدولية والإقليمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف وإعادة التأهيل، في ظل وجود عقلية الأعمال (Business) في التعامل مع ملف مكافحة الإرهاب وعقلية استجداء المساعدات الأمنية التي لا يذهب بعضها باتجاه مكافحة التطرف والإرهاب لتؤدي الغرض، كما يقول مشاركون في الكتاب.
يختتم الكتاب صفحاته بخلاصات من المشاركين، تتعلق بمستقبل التنظيم والاستراتيجيات المتبعة في محاربته، من أهمها أن تراجع التنظيم وخسارته لأراض شاسعة لا يعني بالضرورة نهاية التنظيم طالما أن الشروط المنتجة للتطرف والإرهاب في العالم العربي ماتزال قائمة وموجودة، ولفت بعض المشاركين إلى أن شروط صعود التنظيمات ترتبط بالعوامل السيسيولوجية والثقافية والسياسية أكثر من ارتباطها بالجوانب الإيديولوجية، لذلك فلا يمكن القضاء على وجود التنظيم ميدانيًّا وعسكريًّا، بل معالجة الموضوع سياسيًّا وهذا يحتاج إلى فترة طويلة؛ فنهاية المشروع السياسي للتنظيم وحكامته، يشير إلى نهاية مشروع “الدولة” ونظام “الخلافة”، والعودة إلى حالة ” المنظمة”، والتي تعتمد على نهج حرب العصابات والاستنزاف، ونهج اللامركزية.
فيما يشير باحثون آخرون إلى ضرورة اللجوء إلى دراسة الأوزان النسبية للوقوف على أسباب الإرهاب ومحاولة معالجتها، وعدم اقتصارها على العوامل الاقتصادية والاجتماعية وتجاهل عوامل الإيديولوجيا والدين، خاصة مع موجة صعود اليمين المتطرف في العديد من الدول إلى زمام السلطة.
كما أشار الباحثون إلى القصور الذي يلحق بالمقاربة الأمنية في معالجة قضايا الإرهاب والتي يرى باحثون أنها ليست الحل الوحيد لعلاج هذه الظاهرة، بل يجب استدخال مقاربات أخرى وقائية وعلاجيّة فعّالة.
كما لفت باحثون إلى أهمية تقليل الفجوة بين الأكاديمي والأمني، والتي تتعلق بحصول الأكاديميين على المعلومات اللازمة أو إبداء الرأي وإعطاء الاستشارات في هذا المجال.
كما خلص الكتاب إلى أن ظاهرة الإرهاب مركبة ومعقدة، وتختلف الأسباب بين بقعة وأخرى، وأسباب الإرهاب في العراق مختلفة عن سوريا وأسبابها مختلفة أيضًا ظاهرة الإرهاب في القارة الأفريقية والتي تشهد انتشارًا واسعًا في الآونة الأخيرة أو في وسط –ولاية خراسان- و جنوب شرق آسيا. لذلك من الضروري النظر إلى ظاهرة الإرهاب بمستويات ثلاثة: ظرف عالميّ، ظرف إقليميّ، وظرف محليّ.
سيتم إشهار الكتاب خلال إطلاق معهد السياسة والمجتمع سلسلة إصداراته في عامه الأول، و سيتوفر بنسختيه الورقية والإلكترونية وباللغتين العربية والانجليزية.
والكتاب هو من إشراف وتقديم د. محمد أبو رمان وزير الثقافة والشباب الأسبق والباحث المتخصص بدراسة حركات الإسلام السياسي والتنظيمات الجهادية، ومن تحرير فريق معهد السياسة والمجتمع.