عمليات التشكل والبناء الأمني والعسكري في سورية بعد سقوط نظام الأسد
السياق والتحديات والأجندة المستقبلية
نُشرت هذه المادة، في العدد الثالث من المجلة الأردنية للسياسة والمجتمع JPS.
انطلاقاً من حيثيات المشهد السوري وتحولاته وما شهده من صراع متعدد الأوجه، استخدم خلاله النظام البائد مؤسسات الجيش والأمن كأداة لتحسن شروطه الأمنية الخاصة، فحوله إلى ميليشا كبرى تدير شؤون ميليشيات غير وطنية، فإن أزمة بناء قطاع الدفاع والأمن في سورية ليست أزمة تستمد تعقيداتها فقط من مشهد ما بعد السقوط وما رافقه من ترك النظام الجيش بلا قيادة وبلا توجهات بل ودعاه بشكل غير مباشر للانسحاب، وإنما هي مرتبطة بـ:
- السياقات التاريخية: سواء تلك التي احدثها الصراع خلال 14 عام أو تلك المتعلقة في بـ”الفقدان الممنهج” للحياد السياسي وجعله أداة تحكم استخدمها النظام البائد لتعزيز حكمه.
- النظام الأمني الاقليمي الذي ينحو بصعوبة باتجاه تثبيت ديناميات الاستقرار، فالشرط الاقليمي هنا حاضرٌ وبقوة ويزداد صعوبة في ظل تحديات أمنية فرضتها تطورات الحرب على غزة وما تبعها من تغييرات هيكلية في بنية النظام الامني الاقليمي لاسيما إبان الصراع الاسرائيلي الإيراني.
- منظور “الطرف المنتصر” الذي يعتمد في مرحلة ما بعيد السقوط على التماسك البنيوي والخشية من التصدع وتحكمه في آليات الضبط والسيطرة في مشهد داخلي متخم بالمخاطر والتحديات.
لذا فإن المقاربات النظرية المرتبطة بمنهجية بناء قطاعات الامن والدفاع ستكون بمثابة “الرؤية الاستراتيجية” أكثر مما هي دليل أو وحدات قياس تنفيذية لحركية البناء والهيكلة في قطاع الأمن والدفاع. ومن أهم تلك المقاربات ماطرحه باري بوزان حول القطاعات الجديدة للأمن على غرار الأمن العسكري وهي الأمن السياسي،الاقتصادي،الاجتماعي والبيئي مؤكدا على ارتباطها ببعضها وتفكيك كل قطاع على حدا بهدف معرفة كيفية تأثير كل قطاع منها على باقي القطاعات الأخرى مع تعقيد وتركيب هذه العملية المنهجية من “الجزء إلى الكل”.
سينطلق هذا المقال من السياق أعلاه ويقدم تفنيداً لأبرز التحديات الراهنة ويستعرض كمياً ونوعياً ماتشهده ديناميات البناء من صعوبات مركبة وأزمات، ثم ينتقل ليقدم قراءة أولية في المحاولات المبذولة وفجواتها، ويطرح جملة من التوصيات التي تستأنس بمقاربات المدارس النقدية الأمنية (كمدرسة كوبنهاغن) لتشكل مقترح لرؤية سورية لعملية البناء والتشكل لقطاع الأمن والدفاع.
مهددات أمنية محلياتية : عنف أهلي وعمليات تصفية
تعاني الساحة السورية – بحكم تعقد مسار العدالة الانتقالية الذي يشتبك آنياً مع مفهوم المصالحة والسلم الأهلي- من “جرائم قتل أقرب لحالة الانتقام” ويأخذ طابع التصفية، وزيادة في مؤشر العنف الأهلي وتنوع دوافعه، إذ تمركزت عمليات القتل والتصفية في محافظات حمص، وحلب، وحماة، واللاذقية، وهي مناطق شهدت نشاطاً كثيفاً لميليشيا النظام ومؤسساته الأمنية قبل سقوط الأسد، كما تتميز بتركيبتها السكانية المتنوعة.حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الانسان منذ مطلع عام 2025 وحتى نهاية شهر أيار 2025 مقتل 2351 شخصا في عموم سورية، وبلغت النسبة الأعلى في شهر آذار حيث تم تسجيل 1562 ( قرابة 62% من اجمالي حصيلة الضحايا) على خلفية الأحداث العسكرية التي شهدها الساحل السوري.[1]
وتنوعت الدوافع وراء هذه التصفيات، إلا أن السبب الأكثر تكراراً كان الاشتباه في ” التعاون مع النظام”، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. تلت ذلك دوافع الثأر الشخصي أو العائلي أو الطائفي، حيث استغل بعض الأفراد حالة الانهيار الأمني لتصفية خصومات قديمة. في بعض الحالات، استُخدمت تُهم الانتماء الأمني أو العمالة ذريعة لتبرير عمليات قتل لا تمت بصلة واضحة للسياق السياسي، ما يعكس تغوّل منطق الانتقام الشخصي على حساب المعايير القانونية.،في معظم الحالات، لم تُعرف الجهة المنفذة، أو اكتفي بوصفها بـ “مسلحين مجهولين”، ما يعكس حالة تفلت أمني واسع. غير أن طبيعة العمليات وطريقة تنفيذها تُشير إلى أن غالبية هذه التصفيات نُفذت على يد أفراد من داخل المجتمعات المحلية، بدوافع ذاتية لا تتصل بقرار سياسي مركزي أو تنظيم عسكري منظم. في حالات محدودة، تم الربط بين منفذين وبين فصائل مسلحة أو جهات أمنية محلية، وتكشف ظاهرة التصفية عن غياب الحوكمة الأمنية وغياب جزئي لأشكال المحاسبة القانونية، كما تنذر بمخاطر تراكم العنف الأهلي في مرحلة ما بعد النظام. استمرار هذه العمليات يهدد النسيج المجتمعي ويُضعف الثقة بالسلطة إذا لم تُبادر إلى ضبط الحالة الأمنية، وإنشاء آليات قضائية انتقالية تُعالج الجرائم بعيداً عن منطق الانتقام.[2]
تتنامى حوادث العنف ذات الطابع الأهلي في المشهد الاجتماعي السوري وتختلط فيها الأبعاد الأمنية والسياسية والمجتمعية، وتدفع باتجاه ترسيخ الانقسامات الهوياتية والاختلافات الفكرية، وتنذر باحتمالية الانزلاق إلى “اللاستقرار”، وتنوعت الدوافع ما بين الطائفية والمناطقية والاثنية والسياسية والعشائرية، وتوضح هذه الحوادث أن أنماط العنف المحلي في سورية ليست نمطية الطابع، بل تتغيّر بتغيّر مجموعة من العوامل المتداخلة كالبنية الاجتماعية والديموغرافية للمجتمع المحلي، وعلاقة السكان بالسلطة المركزية أو الفاعلين المسلحين المحليي،. ودرجة الاستقطاب الطائفي أو الإثني الناتج عن الحرب وتراكمات التهميش إضافة إلى حجم الخطاب التعبوي عبر الإعلام ووسائل التواصل، الذي يُسهم في شرعنة العنف الرمزي والميداني.
الاستيعاب والتنظيم الأمني : خطوة تمهيدية لـDDR وSSR
وفقاً لبرامج نزع السلاح Disarmament والتسريح Demobilization وإعادة الإدماج Reintegration (DDR)، إلى جانب إصلاح القطاع الأمني وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية (Security Sector Reform) SSRـ والتي تهدف إلى الانتقال من النزاع إلى السلام فإنه لايمكن اعتبار ما تقوم به الحكومة السورية إلا بمثابة سياسة تهميدية لتلك البرامج ، يمكن تسميتها الاستيعاب وضبط الأمن وتنظيمه، لاسيما أن السياق المحلي والاقليمي يتسم بالتداخل وتنوع التحديات التي تفرضها مرحلة مابعد نظام الأسد، وتتجلى من خلال سلسلة من التعيينات والترقيات، وإعادة تشكيل المناطق العسكرية والفرق والألوية، وبدء عملية انخراط الفصائل المسلحة في المؤسسات العسكرية والأمنية.
منذ أواخر عام 2024، شرعت الحكومة السورية في عملية تنظيم أولية عبر مراحل متتابعة من التعيينات والترقيات، بدأت بترقية قيادات عليا مثل وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس هيئة الأركان علي نور الدين النعسان إلى رتبة لواء،[3] تلتها خطوات تنظيمية أوسع شملت تعيين قادة الفرق والألوية، وتشكيل فرق عسكرية جديدة ترتكز على آلية التطوع بدل التجنيد الإجباري،[4] مع استهداف استيعاب مئات الآلاف من العناصر، بينهم مقاتلون من الفصائل المسلحة. وقد رافقت هذه العملية تأسيس لجان متخصصة مثل “اللجنة العليا لتنظيم البيانات العسكرية” و”لجنة الهيكلة” التي كانت مهمتها توثيق الموارد البشرية والمادية ووضع قاعدة بيانات موثقة تُمكن من إحصاء الفصائل المسلحة وتسليحها، تمهيدًا لدمجها ضمن الجيش النظامي الجديد.[5]
رافق هذا كله سلسلة من اللقاءات بين وزير الدفاع وقيادات فصائل المعارضة السورية بما فيها فصائل درعا واللواء الثامن بهدف الحل والاستيعاب ضمن الجيش،[6] وتستمر التوترات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، رغم بداية انجاز تفاهمات جزئية تمخضت عن انسحاب “قسد” من بعض المناطق الاستراتيجية في حلب وسد تشرين،[7] كما بقيت الفصائل في السويداء في طور التفاوض لا سيما مع تأسيس “المجلس العسكري للسويداء” وبدء تفعيل الشرطة المحلية ودمج العناصر الأمنية ضمن مؤسسات وزارة الداخلية، مما يدل على حراك تدريجي نحو الإدماج.[8]
برزت ضمن سياسة الاستيعاب والتنظيم الأمني عدة إشكاليات وتحديات يمكن تصنيفها وفق ثلاثة مستويات؛ الأول متعلق بضرورة بلورة معايير احترافية – عسكرياتية في التعيينات يكون مصدرها الرئيسي الكليات العسكرية ومجموعة شروط للانتساب لا تستثني مكوناً ولاتفرز لوناً أحادياً على الجيش فإشكالية العنصر البشري برزت كأحدى المهددات، والمستوى الثاني مرتبط بالانضباط والكفاءة التي دللت المؤشرات أعلاه على أنها محل اختبار حقيقي، أما المستوى الثالث فهو مرتبط بالعنصر الاجنبي ومايحمله من تهديد محلي وخارجي إن لم يصاغ لهم برامج إدماج نوعية تضمن عدم تحولهم لكانتونات عسكرية أو حتى مجتمعية.
إذاً؛ تعكس هذه المراحل المتتابعة مساعي وزارة الدفاع السورية لاستيعاب مجاميع عسكرية وضبط أولي للسلاح، لكنها في الوقت ذاته تكشف عمق التحديات المرتبطة بالعقائدية، الولاءات السياسية، والمعايير المهنية، مما يستلزم مزيدًا من الإصلاح المؤسسي والسياسي لتعزيز تماسك الجيش ووحدته وضمان تحوله إلى مؤسسة وطنية جامعة قادرة على المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار وهو ما يفترض أن يكون في المدى المنظور والمتوسط والاستراتيجي.
بذات السياق، باشرت وزارة الداخلية السورية خطوات تنفيذية نحو اعتماد هيكل تنظيمي جديد يهدف إلى تحديث الجهاز الأمني والشرطي وضبطه إدارياً وميدانياً، دون المساس بمركزية القرار في دمشق. ويقوم التوجه الجديد على تقسيم البلاد إلى خمسة قطاعات جغرافية رئيسية،[9] كما شرعت وزارة الداخلية في تنفيذ ما أسمته ” إعادة هيكلة شاملة” من خلال سلسلة من التعيينات والتغييرات الإدارية تهدف من خلاله ضبط اللامركزية، كما استعرضت الوزارة رؤيتها التنظيمية الجديدة، والتي تقوم على دمج جهازي الشرطة والأمن العام تحت ما يسمى “قيادة الأمن الداخلي في المحافظة”، وهو ما يعكس إدراكاً بضرورة التبسيط الإداري واستيعاب الفصائل المحلية في البنى الرسمية دون صدام. في ذات الوقت، تسعى الوزارة إلى إضفاء طابع مؤسسي رقابي من خلال إدارات استقبال الشكاوى، ومأسسة العلاقات العامة، وتطوير بنى تقنية رقمية.[10]
يمكن اعتبار ما يجري داخل وزارة الداخلية جزءاً من عملية أولية لبناء أمني مؤسساتي تستند إلى نموذج استيعابي مرن، لا قطيعة فيه مع الماضي، لكنه يراهن على إعادة التوازن بين سلطة الدولة واحتياجات المجتمع المحلي، مع ضرورة التنويه لأهمية تطابق البنية المؤسسية مع واقع التنفيذ العملي، وأن تتكرّس ثقافة أمنية جديدة تعلي من مبدأ سيادة القانون.
والجدير بالذكر هنا أن الاستخبارات العامة ومكتب الأمن القومي أصبحت تحت الاشراف الرئاسي، لكن لا يمكن تلمس أي إجراء قامتا به يتعلق بخطوات تميهدية لاعادة الهيكلة. وبذلك فإن مقدمي الخدمة الأمنية الرسمية في سورية أصبحت متمثلة بوزارتي الدفاع والداخلية والاستخبارات العامة ومكتب الأمن القومي.
مهام مركبة: إرث قديم وتفاعل ما بين المحلي والخارجي
لا تقتصر عملية مواجهة التحديات الأمنية على فجوات البنية وأسئلة القدرة وامتلاك الأدوات، بل تتجلى أساساً في التركة المعقدة لترتيبات أمنية ما قبل سقوط النظام، والتي تشكلت خارج مركز القرار، وتشظّت إلى أنماط شبه مستقلة، محكومة بولاءات محلياتية، وإطارات سياسية وأيديولوجية متباينة.
ويظهر كما بينا سابقاً أن المشهد الأمني الذي ورثته الحكومة الجديدة لايزال فيه خريطة أمنية متعددة المراكز، تتوزع بين قوات سوريا الديمقراطية، فصائل الجيش الوطني، خصوصية السويداء، وترتيبات الجبهة الجنوبية، ما خلق واقعًا من «توازنات اضطرارية» أكثر منه بناءاً مؤسساتياً متماسكاً. مما يعلي من ضرورة إنجاز التفاهمات الوطنية في إطار عقد اجتماعي جديد يرفض منطق المحاصصة ويعلي من معايير التشاركية المنسجمة مع فكرة الدولة ومقولاتها وأدواتها.
في مقابل هذه التشظيات، هناك ملفات سيادية –وفي مقدمتها ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب لاسيما خطر داعش– ما تزال تشكل اختباراً حقيقياً لقطاع الأمن والدفاع لا سيما في ظل انتعاشة داعش، لإطار المركزي، ما سمح ببقاء مساحات جغرافية رخوة تحكمها شبكات تهريب وميليشيات عابرة للحدود، استفاد منها تنظيم داعش في تعزيز حركته وتكيفه الاستخباراتي. ويُضاف إلى ذلك بروز قوى تُصنّف ضمن “فلول النظام السابق”، والتي بدأت بالتحرك ضمن بيئة الاستقرار الهش، مستخدمة خطاب المظلومية، ومتقاطعة مع مصالح إقليمية تعارض صعود الدولة الجديدة.
لكن هذه الجهود الداخلية لا تنفصل عن البيئة الإقليمية والدولية التي ما تزال تتعامل مع المشهد السوري بحالة من “اللايقين البنيوي“. فشروط دول الجوار –سواء تركيا، إسرائيل، أو إيران– تتسم بالتناقض الحاد، وتُعقّد فرص بناء توافقات أمنية مستقرة. إسرائيل، على سبيل المثال، لا تخفي رفضها لأي صيغة عسكرية ذات طابع إسلامي قرب حدودها وتسعى لفرض واقع يسهم في انتاج نظام سياسي ضعيف، وترفض بدائل إقليمية عن الدور الإيراني، في حين تنظر تركيا بريبة لأي تقارب بين دمشق وقوات قسد، وهو ما يجعل حدود الدولة الجديدة محل تجاذب مزدوج.
وفي المقابل، فإن المؤشرات الأولية الدالة على دعم الاستقرار وتشكيل نظام أمني اقليمي جديد لاسيما في ظل الصراع الايراني الاسرائيلي وعلى الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية ودخولها مرحلة التجهيز لإعادة البناء والاعمار إلا أن كلفة الصراع واحتمالية تطوره قد يعطل القدرة الأمنية والتنموية للحكومة السورية، مما يعلي أهمية الحذر الاستراتيجي ووسياسات التوازن في العلاقات الدولية والتمسك بمضامين الاستقرار. وفي هذا الإطار، تبرز منهجية “المسار الثاني“ كأداة فعالة، تتمثل في إدارة حوارات غير رسمية مع القوى المؤثرة لفهم هواجسها وربطها بالمصلحة الوطنية، وتقديم مقترحات أمنية نوعية حول ملفات مركزية (مثل داعش والحدود)، إلى جانب خلق مساحة نقاش أمني إقليمي يستند إلى قراءة دقيقة لخريطة المصالح.
خاتمة وتوصيات
بناءً على هذا الواقع، يصبح “مدخل التشكل التنظيمي للجيش الجديد” الركيزة الأساسية لإعادة ضبط التوازن الأمني الوطني، من خلال العمل على خطط وطنية ضمن خمسة مسارات:
- العقيدة العسكرية والأمنية: والتي تقوم على ركائز أساسية كاعتبارالجيش مؤسسة لكل السوريين وغيرمؤدلجة ولاتخضع لحقن سياسي حزبي وتعكس تنوع سورية القومي والديني والثقافي . وضرورة مراعاة السلوك العسكري الرسمي للأبعاد المجتمعية وخصوصيتها وقيمها.
- تقييم سياسات الاستيعاب وترميمها عبر هندسة معلوماتية أمنية شاملة، تستوعب الفواعل غير النظامية وتُعيد تأطيرهم وتأهيل ضمن بنية الجيش، مع بناء قدرة فاعلة على مواجهة التهديدات المستمرة: داعش، الجريمة المنظمة، فلول النظام. هذا المسار يقتضي أيضًا وضع آليات دقيقة لعودة الضباط المنشقين وغير المتورطين في الدم السوري، وفق معيار وظيفي ومهني صارم.
- الهيكلة العسكرية الوطنية: والتي تتطلب تجاوز النماذج الكلاسيكية في بناء الجيوش، والانتقال نحو جيش “رشيق” متعدد المهام، مرتبط بعقيدة جديدة تقوم على حماية الوطن لا السلطة، إلى جانب بناء منظومة تعليم عسكري حديث، وتحديد صارم لمعايير الانتساب والأدوار والمهام.
- الدسترة والقوننة: من المهم دسترة عمل المؤسسة العسكرية والأمنية مع التركيز على: تحديد المهام؛ مجلس الدفاع الوطني؛ الانتخابات؛ الحياد السياسي؛ الموازنة الدفاعية؛ التعيين في المناصب الكبرى؛ الخدمة الإلزامية؛ المحاكم العسكرية؛ السلم؛ الحرب؛ التعبئة؛ الطوارئ؛ المعاهدات. إضافة إلى خضوعها للرقابة البرلمانية، كما أنه من الأهمية الوطنية بمكان التأسيس لعلاقات عسكرية مدنية متوازنة تُسهم في خلق قطاع عسكري وأمني ذي مهارة عالية المستوى بالإضافة للإسهام في إرساء السلم الأهلي.
إن إعادة بناء الأمن في سوريا ما بعد النظام لا تكتفي بتغيير الوجوه أو إعادة تدوير الفواعل، بل تقوم على تفكيك البُنى اللا–مركزية التي نشأت زمن الانهيار، وبلورة جيش وطني بعقيدة مهنية، قادر على خلق توازن داخلي فعال، وشبكة علاقات خارجية واقعية، تُخرج البلاد من منطق الاستثناء الأمني إلى قاعدة الدولة القانونية. والانتباه مبكراً لضرورة وجود ديناميات وطنية ( حكومية وغير حكومية ) تفرز استراتيحية أمنية تراعي كافة الأبعاد الأمنية الأخرى فمعادلة الأمن في سورية الجديدة تستوجب لحظاً للقطاعات الخمسة المشار إليها سابقاً وهذا يدفع باتجاه تعزيز التنسيق والمشاركة ما بين فواعل القطاع الأمني وتوسيع عناصره ليشمل الفواعل المدنية والأهلية لا سيما في ظل زيادة مؤشرات العنف الأهلي وما يفرزه من تداعيات مجتمعية.
[1] – انظر: التقرير الشهري لضحايا القتل خارج نطاق القانون في سوريا، الشبكة السورية لحقوق الانسان، 1/6/2025، https://2u.pw/VZ2Ck
[2] – استند الباحث على تقارير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية التي تتابع وترصد حوادث التصفية من1 سقوط النظام حتى شهر ابريل 2025
[3] – محمد أمين: رتب عسكرية رفيعة لمقاتلين سوريين وأجانب بـ”تحرير الشام”: انتقادات ومخاوف، العربي الجديد، 31/12/ 2024، https://2u.pw/r9JuW
[4] – محمد كساح: سوريا: أولى خطوات هيكلة الجيش..7 فرق ودائرة توجيه معنوي، المدن، 21/3/2025، https://2u.pw/Z5Ewt
[5] – الحكومة تعلن عن خطوات ومراحل بناء وزارة الدفاع السورية الجديدة، تلفزيون سورية، 19/1/2025، https://2u.pw/5DYu3
[6] – سوريا تعلن دمج كافة الوحدات العسكرية تحت مظلة وزارة الدفاع، عربي 21، 17/5/2025، https://2u.pw/Kf85B
[7] – قوات العمليات العسكرية تدخل سد تشرين ودعوات لحمايته، الجزيرة نت، 14/12/2024، https://2u.pw/EIk7t
[8] – محافظ السويداء: بدء تفعيل الشرطة والأمن في المحافظة، الاخبارية السورية، 4/5/2025، https://2u.pw/3ti21
[9] – ،( المنطقة الشرقية: الحسكة، الرقة، دير الزور، المنطقة الشمالية: حلب، إدلب، المنطقة الساحلية: اللاذقية، طرطوس، المنطقة الوسطى: حمص، حماة، المنطقة الجنوبية: دمشق، درعا، السويداء، القنيطرة)
[10]– الداخلية السورية تعلن هيكلة شاملة وتستحدث إدارات جديدة، الجزيرة نت، 24/5/2025، https://2u.pw/PVYH7