ترامب والشرق الأوسط: رصد لآراء وتحليلات أميركية – إسرائيلية

آراء من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

حظيت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه تهجير الفلسطينيين من غزة إلى كل من الأردن ومصر باهتمام كبير في الأوساط البحثية ومراكز التفكير في واشطن، وهنالك من أيّد هذه التصريحات واعتبرها مهمة في ترسيم معالم المرحلة القادمة في المنطقة، وهنالك في المقابل، حتى في الأوساط الصهيونية والأميركية اليمينية من اعتبرها غير واقعية وليست منطقية بخاصة أنّ كلاًّ من الأردن ومصر قد أعلنتا رفض استقبال اللاجئين.

لكن ما هو أهم من هذا وذاك أنّ تلك التصريحات، بخاصة ما تحدث به ترامب بعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في فبراير/شباط الجاري، حول توجّه الولايات المتحدة لإفراغ قطاع غزة من السكان من جهة والحصول على ملكية فيه وتحويله إلى “ريفيرا الشرق الأوسط”، أو الموقف من وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا، أو حتى الموقف من التطبيع الإقليمي، كل هذه المواقف والتصريحات تشي بمرحلة مضطربة في التعامل مع الإدارة الأميركية من قبل الأردن وفلسطين والعديد من الدول العربية، بانتظار الموعد المرتقب للقاء الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأميركي في الحادي عشر من هذا الشهر.

يحاول معهد السياسة والمجتمع دائمًا القيام برصد الاتجاهات والتحليلات والمواقف الرئيسية في العديد من الأوساط الأميركية والصهيونية وحتى الغربية للتطورات الراهنة المتعلقة بالسياسات الشرق أوسطية، وفي هذا التقرير الذي يتناول بعض التحليلات على موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو معهد مهم ومعروف، ومدعوم من قبل اللوبي الصهيوني، ويديره روبرت ساتلوف، الخبير المعروف بشؤون الشرق الأوسط، سيتوقف عند ثلاثة تحليلات رئيسية، الأول هو ندوة عقدها المعهد وشارك فيها عدد من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط وجاءت عشية لقاء بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، والثاني مقالة لروبرت ساتلوف والثالث مقالة لناعومي نيومان، وهي باحثة في المعهد ذاته، وقد شغلت سابقًا موقع رئيسة قسم الأبحاث في جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك)، وعملت في وزارة الخارجية الإسرائيلية وتكمل دراسة الدكتوراه في جامعة تل أبيب.

زيارة نتنياهو لواشنطن: التداعيات على الدبلوماسية والأمن الإقليمي

    عقد معهد واشنطن منتدى افتراضي في 3 فبراير/شباط 2025 ضمَّ ميرا ريسنيك، آموس هاريل، ديفيد ماكوفسكي. وقد ناقش في الجلسة خبراء إسرائيليون وأمريكيون زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة إلى الولايات المتحدة.

    من جهتها رأت ميرا ريسنيك، وهي نائبة مساعد وزير الخارجية السابقة للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية وشؤون شبه الجزيرة العربية.، أنّه مع استمرار وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل تسعى الأخيرة إلى أن تجد بديلاً لحماس في المنطقة لأنها ما تزال قائمة، أما فيما يخص الضفة الغربية فيمكن اعتبارها منطقة اشتعال بسبب تزايد النفوذ الايراني وتزايد العمليات الهجومية وبسبب انهيار الشراكة بين السلطة وإسرائيل، ويمكن القول إن السلطة الفلسطينية على شفا الانهيار وهذا ما يقلق إسرائيل بسبب السيناريوهات المحتملة لما بعد السلطة.

    أما فيما يخص التهجير فيمكن القول، وفقًا لريسنك، أنّ مقترح ترامب قد رفضه القادة العرب والفلسطينيون بما يخص ترحيل الغزيين إلى الأردن ومصر، وهو ما يجعل الدول العربية تقدم حلولًا أخرى أمام ترامب الذي عليه أن يعالج المشكلة الأمنية والاقتصادية التي سببتها الحرب الإسرائيلية حيث يمكن لواشنطن أن تساعد في تخفيف التأثير الاقتصادي للحرب من خلال خفض مستوى تحذير السفر لإسرائيل واستئناف خدمة الخطوط الجوية الأميركية وقد تفكر أيضًا في استئناف الحوار الاستراتيجي الثنائي بشأن التكنولوجيا. وأيضًا هنالك مفاوضات حيوية بشأن مذكرة التفاهم المقبلة التي تمتد لعشرة سنوات بشأن المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل.

    من جهة ثانية فقد وجد عاموس هاريل، وهو مراسل عسكري لصحيفة هآرتس وأحد أبرز خبراء إسرائيل في القضايا العسكرية والدفاعية، أنّ هنالك  صعوبة لدى نتنياهو في رفض الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة بسبب رغبة ترامب في ذلك، حيث إن إطلاق سراح الرهائن قد أدى إلى رغبة قوية من الإسرائيليين في إكمال الصفقة.

    مع ذلك، وفقًا لهاريل فإنّ الاسرائيليين يعتقدون أنّ الحديث عن السلام مع الفلسطيينيين أمر بعيد المنال بعد احداث “السابع من أكتوبر”، أما بالنسبة لنقل الفلسطينيين إلى مصر والاردن فمن المتوقع أن كون بعيد المنال أيضًا بسبب عدم موافقة الطرفين الأردني والمصري على ذلك. وأشار هاريل إلى أنّ ترامب كان قد وجّه عددًا من شحنات قنابل ثقيلة إلى اسرائيل بسبب الخطر الإيراني النووي على إسرائيل، لكن ما زال هنالك تردد في استخدامها ضد المنشآت النووية الإيرانية.

    المتحدث الثالث كان ديفيد ماكوفسكي، وهو مدير مشروع كوريت للعلاقات العربية – الإسرائيلية، والمستشار الأول السابق للمبعوث الأمريكي الخاص للمفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، وقد رأى أنّ نتنياهو سيحاول العمل على صياغة آراءه وأفكاره بما يتناسب مع عقلية ترامب (الدعوة إلى السلام) والتي تحدث بها في خطابه الرئاسي حيث يجب عليهم تنظيم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الهدنة بالإضافة إلى إكمال اتفاقيات التطبيع مع الخليج، أما فيما يخص المرحلة الثانية من الهدنة، التي تنص على انسحاب اسرائيل بشكل كامل من غزة، فهي مرحلة لا يرغب بها نتنياهو لانها ستتسبب في انهيار حكومته.

    ومن الممكن أن يقترح نتنياهو أما تمديد مدة المرحلة الأولى أو الإعلان عن توقف العمليات العسكرية والعمل على إبقاء الغارات البسيطة مع إيقاف العمليات الكبرى، لكن ما قد يحفز نتنياهو على قبول الانتقال إلى المرحلة الثانية هو استكمال اتفاقية التطبيع مع السعودية، وقد يعرض أيضًا نتنياهو مقابل إكمال الصفقة التعامل مع الخطر الإيراني.

    هدف ترامب في الشرق الأوسط: خمس اتفاقيات سلام عربية – إسرائيلية (مقال روبرت ساتلوف)

    على مدى الأربع سنوات المقبلة لولاية ترامب هناك فرصة لتوقيع صفقات سلام إلى جانب إسرائيل مع خمس دول (سوريا، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، والدول العربية والإسلامية، و”الفلسطينيين”).

    بخصوص سوريا ولبنان يدعو ساتلوف إلى تعزيز الحكومات الجديدة بحيث لا تكون خلفهما أي سلطة اخرى مثل تركيا وإيران، ففي بيروت يدعو ساتلوف إدارة ترامب إلى تحذير القيادة الجديدة من الإفراط في “الوحدة الوطنية” بما يسمح لحزب الله بتعويض بعض خسائره من خلال السيطرة على بعض الوزارات الرئيسية، اما في سوريا؛ فمن الضروري تقديم الحوافز للقيادة السُنية الجديدة لاستكمال طرد القوات الروسية من القواعد العسكرية الروسية على البحر الأبيض المتوسط، والترحيب بالكورد والدروز والمسيحيين والعلويين كشركاء في سوريا حرة وموحدة ولكن (لامركزية).

    أما بالنسبة للسعودية، فإن هنالك استعدادا لتوقيع اتفاقية تطبيع ثلاثية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يمهد الطريق أمام الدول الإسلامية العربية الأخرى؛ لكن هذا الطريق، كما يرى ساتلوف، مليء بالصعوبات وقابل للخرق من قبل جميع الجهات (لبنان، سوريا، حماس، السعودية، إيران، إسرائيل).

    من “7 أكتوبر” إلى وقف إطلاق النار في غزة: شرق أوسط متغير في انتظار إدارة ترامب (مقال نعومي نيومان)

     ترى نيومان أنه يجب توخي الحذر قبل الاعلان عن شرق اوسط جديد بعد اتفاق وقف اطلاق النار في غزة حيث ان التفاؤل قد يؤدي الى خيبة امل (كما حدث فتر ة الربيع العربي).

    نيومان في مقالها هذا رأت أنّ الشرق الأوسط اليوم ينقسم الى ثلاث معسكرات: معسكر شيعي تقوده إيران، ومعسكر سني إسلامي يتضمن جماعة الإخوان المسلمين، ومعكسر سني معتدل يميل إلى الغرب.

    أما بالنسبة لموقع الأردن الاستراتيجي سيجعل منه ساحة متنازعا عليها بشكل متزايد بالنسبة للمعسكرات الثلاثة. فالمعسكر السنّي الموالي للغرب ينظر إلى عمّان كشريك أساسي في الصراع، في حين يرى المعسكر الإسلامي السنّي أن العدد الكبير من السكان الفلسطينيين في المملكة يشكل ورقة ضغط مهمة. اما الآن بعد أن تم تحجيم المعسكر الشيعي في سوريا، سيعمل على زيادة استخدامه للأردن كمسار لعبور الأسلحة والأموال والخبرات إلى لبنان والضفة الغربية.

    وفي الوقت نفسه دعا ترامب الأردن إلى استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة مشيرًا الى ان الاردن تتلقى العديد من المساعدات الامريكية ومع كل هذه الضغوط الخارجية والصراعات قد تؤدي الى تقويض استقرار الأردن.

    وتتحدث المقالة على أن سوريا ستكون ساحة حرب متوقعة للمنافسة بين هذه المعسكرات الثلاثة، ولبنان أيضًا ستكون ساحة من الصراع حيث سيبقى الصراع الايراني السني، اما بالنسبة للتغيرات التي ستحدث بعد القادة (يحيى السنوار وحسن نصرلله)، هذا وذاك سيضع قادتها الجدد أمام خيار الاصطفاف مع المعسكر الإسلامي السني أو الاستمرار في التحالف مع إيران.

    التحديات التي تواجه إسرائيل:

    • العقبات التي ستحول دون التطبيع.
    • التحدي من سوريا ما بعد الأسد.
    • احتمال إعادة تسليح حزب الله.
    • الصراع العربي – الإسرائيلي.

    أما التوقعات فيما يخص الدول العظمى فيمكن القول إن روسيا تراجعت بعد حربها مع أوكرانيا وذلك بعد أن أكدت الحرب على غزة سيطرة نفوذ الولايات المتحدة الامريكية بينما الصين لها حضور تكنولوجي قوي بالاضافة إلى تقدمها في مجال الذكاء الاصطناعي، مع تقارب دول الخليج من بكين التي تعد مستوردًا للطاقة بسبب سياسات ترامب اتجاهها.

    زر الذهاب إلى الأعلى