الضفة الغربية وتفاعلاتها: الأمن القومي الأردني – الفلسطيني المشترك

نُشرت هذه المادة، في العدد الثاني من المجلة الأردنية للسياسة والمجتمع JPS.

شكّل فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية، وتأهبه للعودة إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، حالة من الترقب الحذر في الإقليم، في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، والمستمرة منذ عام وشهرين، واشتعال عدة مناطق سواء على مستوى الحرب الإسرائيلية على لبنان، أو الأحداث الداخلية في سوريا.

لكن عودة ترامب تلقي بظلالها مباشرة على الملف السياسي الفلسطيني، وهو جوهر تدخلاته في ولايته السابقة، وتحمل ارتدادات حادة على الأمن القومي الأردني في ظل أن الهدف الرئيس لمشاريع الإسرائيلية الأميركية في ولاية ترامب السابقة، كانت في الضفة الغربية. اليوم ومع عودته سيجد ترامب واقعًا جديدًا فرضه السعار الاستيطاني، والجنوح الإسرائيلي الرسمي إلى أقصى اليمين، وهو ما دفع فواعل هذا المشروع لإعداد مشروع يعكس رؤيتهم لالتهام ما تبقى من الضفة الغربية، وهذا حدث سيحمل ارتداداته على الكيانية الفلسطينية وانعكاساته على الأردن.

تحاول هذه المقالة الإطلال على واقع الضفة الغربية في ظل هذه التفاعلات الاستيطانية، بما يشمل القضم المتسارع للسلطة الحاكمة الفلسطينية، والتضييق الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق، ومشاريع التهجير وإعادة الهندسة السكانية، كما تطل على تركيبة ترامب الحاكمة وموقع القضية الفلسطينية منها، كما تنظر المقالة إلى انعكاسات هذه التفاعلات على الكيانية السياسية الفلسطينية والأمن القومي الأردني على حد سواء، في محاولة للبحث في خيارات المجابهة والتعامل مع هذه التحديات.

السياق العام للضفة الغربية بعد “السابع من أكتوبر”

منذ السابع من أكتوبر 2023، استثمرت إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة، لتسريع مشروع إنجاز دويلة المستوطنين في الضفة الغربية، وهذا ما حفزه طبيعة الحكومة اليمينية الاستيطانية، واستحواذ فواعل المستوطنين، ممثلين ببتسائليل سموتريتس، على وزارة المالية، والمساحة المناط بها الاستيطان في وزارة الجيش.

وبعد عام وشهرين على الحرب، نقف أمام 174 مستوطنة بالضفة الغربية، و171 بؤرة استيطانية تتم عملية “شرعنتها” بشكل متسارع، مع وجود حوالي 800 ألف مستوطن في الضفة والقدس، تخدمهم بنية تحتية هائلة يفصل عنها الفلسطينيون بشكل متدرج، ومع نهاية العام 2023، بدت البنية الاستيطانية في الضفة الغربية بنية متواصلة تنغرس بينها معازل فلسطينية مقطعة بحوالي 750 بوابة وحاجز عسكري، كما يبدو في الخارطة أدناه.

رسم توضيحي 1: خارطة الاستيطان في الصفة الغربية حتى نهاية العام 2023، المصدر: هيئة مقاومة الجدار والاستيطان

بالتوازي، يستثمر سمورتيتش موقعه لقضم مصادر تمويل السلطة الفلسطينية، والتي أساسها المقاصة وهي الضرائب التي تجنيها إسرائيل قسراً عن الواردات الفلسطينية بحكم سيطرتها على المعابر البرية والبحرية، فقام باقتطاع نسب متصاعدة من أموال المقاصة صنفت تحت عدة بنود: صافي الإقراض (ديون بدل الاستيراد الاجباري للمياه والكهرباء من إسرائيل ويتم تقديرها من طرف واحد بدون مراجعات)، خصم عقابي على دعم أسر الشهداء والجرحى والأسرى، خصم عقابي على التحويلات الفلسطينية لقطاع غزة، وتعويضات للمستوطنين وأسرهم من “المتضررين من العمليات العسكرية”. وبالمجمل، وصل مجموع اقتطاعات إسرائيل المحتجزة من المقاصة حتى سبتمبر/أيلول 2024، حوالي ثلث اجمالي قيمة الموازنة العامة (2 مليار دولار).

أتت هذه الاقتطاعات في ظل تصاعد أعباء السلطة، التي واجهت واقعًا اقتصاديًّا غير مسبوق في تاريخ الضفة الغربية، إذ تعطل حوالي 200 ألف عامل عن عملهم في داخل السوق الإسرائيلي، وسحبت تصاريح عملهم، يدخلون على الاقتصاد الفلسطيني حوالي 4.8 مليار دولار سنويًّا. يضاف إليهم من فقدوا أعمالهم في السوق المحلي بمجموع كلي يصل لحوالي 306 ألفًا، أي أن ثلث القوى العاملة في الضفة الغربية معطلة، كما أدى إغلاق الحواجز والمعابر على طول الخط الأخضر إلى حرمان الاقتصاد الفلسطيني من موارد مهمة كانت تتأتى من تسوق الفلسطينيين في الداخل بأسواق الضفة الغربية، خاصة في أسواق مدن الشمال المركزية الثلاث: جنين وطولكرم ونابلس. من هنا، وصف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” الاقتصاد الفلسطيني بأنه يعاني من حالة خراب.

فاقم من أزمة السلطة الفلسطينية، التقويض المستمر لحاكميتها على الأرض، فقد كثفت إسرائيل من اقتحاماتها وتدميرها لمراكز المدن والمخيمات الفلسطينية، خاصة جنين وطولكرم وطوباس ونابلس، واستهدفت الضفة بالطيران المسير والمروحي والحربي للمرة الأولى منذ نهاية انتفاضة الأقصى (2000-2005)، وعمدت لتدمير البنية التحتية والممتلكات بشكل واسع جدًا، وسط إظهار السلطة الفلسطينية بحالة عجز تام. وبهذا السياق قفز عدد الشهداء الضفة الغربية من 169 شهيدة وشهيدًا عام 2022، إلى 478 شهيدة وشهيدًا عام 2024 (حتى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني)، مع خسائر فادحة في البنية التحتية والممتلكات بلغت عشرات ملايين الدولارات، دون قدرة لدى السلطة على التعويض أو الإصلاح، ما فاقم صورة العجز السياسي والخدمي وأظهرها أيضًا عاجزة أمام انتهاكات الاحتلال.

سياسيًّا، تصاعد الرفض الإسرائيلي لتعزيز عمل السلطة الفلسطينية، بل ما أجمع عليه أطراف اليمين الحاكم هو إضعاف السلطة والعمل على تقويضها، رفضًا للكيانية السياسية الفلسطينية سواء كانت “حماس ستان”، أو “فتح ستان”، وفق وصف سموترتيش ونتنياهو.  

ترامب والتحولات المقبلة

يبدو أن الظروف على الأرض مثالية لإنجاز الرؤية الاستيطانية[1] المتمثلة بالضم والإلحاق، وهي ظروف عززها وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض في ولاية ثانية، وإنجاز رؤية “حسم الصراع” أو “أمل واحد” التي قدمها سموتريتش. ففي لقاء نظمه مجلس “يشع” الاستيطاني، وهو المجلس الاستيطاني التنظيمي في الضفة وغزة، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، خرجت ملامح تصور لخطة اقترح تقديمها لإدارة ترامب، تشكل خارطة طريق للسنوات الأربع القادمة.

يرمي البرنامج بضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها من خلال: السيطرة المدنية على القرى الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج)، وخنقها استيطانيًّا، إلغاء السلطة الفلسطينية واستبدالها بسلطات محلية، وتحول العلاقة مع الفلسطينيين بما يشبه العلاقة مع المقدسيين، والاستثمار الواسع في البنية التحتية التي تخدم الاستيطان، تطبيق القانون الإسرائيلي وإدارة الضفة الغربية بمكاتب حكومية إسرائيلية، وتحويل المستوطنات الاستراتيجية إلى مدن مع إنشاء أربع مدن كبرى وجذب الإسرائيليين إليها.

في الحقيقة، حتى وإن كانت هذه التصورات متطرفة تعكس طبيعة وطموح ورؤية أصحابها، إلا أنها جاءت مدفوعة ومتسلحة بوصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، إذ كان من أولى إشارات ترامب لسياساته القادمة دعوة زعماء الاستيطان لحضور حفل تنصيبه، وعلى رأسهم يوسي دغان رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة، الذي كان قد رفض صفقة القرب معتبرًا أنها ظالمة للحقوق اليهودية في “يهودا والسامرة”.

مرشحو ترامب للمناصب الحيوية، هم في الواقع متعصبون لدعم إسرائيل والانحياز لها، بوجهها اليميني الحالي، وأبرزهم وزير الخارجية المرشح ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي المرشح مايكل والتز، والسفيرة الأمريكية للأمم المتحدة المرشحة إليز ستيفانيك، والسفير المرشح في إسرائيل مايك هوكابي، وهذا الأخير صاحب تصريحات شهيرة تنكر الوجود الفلسطيني، وينكر استخدام مصطلح الضفة الغربية بدلًا من “يهودا والسامرة”، ومؤيد شرس لضم الضفة الغربية.

انعكاسات على الأردن وفلسطين: تحديات مشتركة على الأمن القومي

تشير هذه الخريطة من التفاعلات والتحديات، الماثلة والمتوقعة إلى مجموعة استنتاجات مركزية ترتبط بالأردن وفلسطين، وهي تحديات تمس الأمن القومي الأردني من جهة، وتطال وجود الكيانية السياسية الفلسطينية من جهة أخرى، ويمكن تلخيص هذه التحديات فيما يلي:

  • تحدي الكيانية السياسية: تتطلع المشاريع اليمينية الإسرائيلية لإذابة الكيانية السياسية الفلسطينية، واستبدالها بسيطرة أمنية إسرائيلية على الضفة الغربية، وإدارة خدماتية ذاتية على مستوى المدن، وإلحاق وظيفي للفلسطينيين بالأردن في قضايا منتقاة، مثل بعض جوانب التعليم، الأوقاف والخدمات الدينية، السفر والوثائق ذات الصلة…الخ، وهذا ما ترفضه الدولة الأردنية ومنظمة التحرير على حد سواء، وفق ما ثبت في التفاهمات الثنائية المتراكمة.

بالتوازي مع الإذابة السياسية في الضفة الغربية، بدأت ملامح قبول بدور محدود للسلطة الفلسطينية في غزة تظهر، وهذا ما يعيد إلى الأذهان محاولات السياسية الإسرائيلية حشر السلطة الفلسطينية في غزة، وحصر الدولة والمشروع الوطني الفلسطيني فيها.

إن إسرائيل تسعى لأن تفرض أمرًا واقعًا يملي على كل الأطراف استجابات اجبارية، سواء تجاوزها لالتزاماتها -حتى على مستوى خرق ثوابت الوصاية الهاشمية في المدينة المقدسة- أو بخلق بيئة تجبر كل الأطراف على الاستجابة والتماهي لمنع أي تدهور إنساني واسع.

  • التحدي الأمني: إن اليمينية الإحلالية المتصاعدة في إسرائيل، وتمركزها في الضفة الغربية، يولد مخاوف متصاعدة من أية موجة اعتداءات طاردة للفلسطينيين، تحاول دفع عشرات الآلاف للهجرة من الضفة الغربية بالقوة، وهذا ما صرح ولمح به أكثر من سياسي إسرائيلي، وهذا ما قد يتأتى بموجات اعتداءات على القرى الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) بشكل خاص، والتي كان من أمثلتها ليلة حريق حوارة، والعدوان على قريتي المغير وترمسعيا.

إن حركة المستوطنين اليوم منظمة عبر عدة جمعيات ومنظمات ومجموعات تنسيق تتكفل بالتعبئة والتدريب والتنظيم والتوجيه، وتتولى الدفاع عن المستوطنين في حالات الاعتقال، كما أنها حركة تتسلح بحوالي 100 ألف قطعة سلاح، وفرق طوارئ وحرس مستوطنات تسعى للتسلح بالمسيرات ومضادات الدروع، وهذا ما يشير إلى أننا لم نعد أمام “شبيبة التلال” كحالة استثنائية، بل أمام حالة مليشياوية منظمة ومحمية من قبل الحكومة.

بالمقابل، قامت إسرائيل خلال العام الفائت، وبشكل مكثف، بضرب الحالة المقاومة في الضفة الغربية، والتي كانت حالة فردية أو منخفضة التنظيم في أحسن الأحوال، إذ تشكلت مجموعاتها منذ العام 2021، وتمركزت في المخيمات، وليس في القرى، قبل أن يستخدم الاحتلال المسيرات والطيران الحربي والمروحي والقوات الخاصة، والتدمير الشامل للبنية التحتية لضرب الحالة وحواضنها على حد سواء.

  • التحدي الاقتصادي: خلال العام الماضي، بدأت إسرائيل محاولات التكييف بدون عمالة فلسطينية، ومنع وصول الإسرائيليين إلى الأسواق الفلسطينية، والانتقال من مقاربات “التهدئة” الاقتصادية، إلى المقاربة الخشنة الطاردة.

تهدف تل أبيب من خلال هذه المقاربات إلى المأسسة لبيئة طاردة وتهجير طوعي من الضفة الغربية باتجاه الخارج، إلى جانب خلق واقع اقتصادي صعب بالضفة التي لا تستطيع تبني أية سياسات تنمية أو انفكاك اقتصادي تحت الاحتلال، الذي هو بطبيعته استغلالي وإحلالي.

إن الواقع الاقتصادي في الضفة الغربية ينعكس بشكل مباشر على الأردن، ليس من خلال التبادل التجاري فحسب، بل أيضًا من خلال من خلال الترابط الاجتماعي وانعكاساته الاقتصادية، وبكل الأحوال فإن أية حركة فلسطينية للأيدي العاملة الماهرة باتجاه الأردن -خاصة من حملة البطاقة الأصفر- سيضغط على سوق العمل الأردني الذي يعاني من أزمات المنطقة المتتالية.

وبعيدًا عن استخدام الاحتلال للاقتصاد كنظام طارد، فإن البنوك الأردنية على سبيل المثال تشكل حوالي 40% من حجم القطاع المصرفي في فلسطين، وتقدم حوالي 35% من مجمل التسهيلات الائتمانية في فلسطين، وبالتالي فهي متأثر مباشر من سياسات الاحتلال المتصلة بقطع التعامل مع النظام المصرفي في فلسطين –أي عزله عن العالم وانهياره-، أو من استمرار تردي الوضع الاقتصادي والتعثر الاستجابة للتسهيلات الائتمانية.

  • التحدي الإقليمي الدولي: تسعى إسرائيل لبناء منظومة مقايضات واسعة، تخفض من خلالها أثمان اندماجها الإقليمي وتطبيعيها الواسع، فعلى سبيل المثال، تصر تل أبيب على عدم الانسحاب من قطاع غزة في أي اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، إذ تعتبر أن ثمن هذا المكتسب يجب ألا يقل عن تسويات متصلة بالضم في الضفة الغربية، أو تطبيع كامل مع المملكة العربية السعودية.

وفي سياق تحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فإن المنطقة الآن في قلب مرجل يغلي في سوريا، ولبنان، وإيران، وهي تفاعلات إسرائيلية حاضرة وفاعلة ومتفاعلة معها، ضمن رؤية نتنياهو المعلنة حول إعادة انتاج الشرق الأوسط، لكن الثابت هنا هو الضفة الغربية كمادة مرشحة للقضم إسرائيليًّا مهما كانت التحولات.

استجابات أردنية فلسطينية مشتركة

منذ السابع من أكتوبر، عملت القيادتان الأردنية والفلسطينية بتنسيق عالٍ، فمع استشعار التحديات المباشرة للضفة والقطاع، ارتكز الخطابان الأردني والفلسطيني على التحذير من التهجير وإرهاب المستوطنين وسياسات الاحتلال، وقد وضعت في القمم الثنائية، والثلاثية مع مصر، وضمن السداسية العربية، وصولاً للقمم العربية الإسلامية المشتركة، (لاءات) واضحة تتصل بالتهجير، وتجاوز الحقوق الوطنية الفلسطينية.

شهدت العلاقات الأردنية الإسرائيلية أعلى درجات التوتر خلال العام الأخير، فإلى جانب العدوان كانت السياسات في الضفة الغربية، والانتهاك المستمر للمقدسات الإسلامية في القدس، أسباب مباشرة لهذا التوتر، كما كان الأردن فاعلاً في الدبلوماسية العربية الجمعية التي تحركت أمميًّا ودوليًّا لوقف العدوان ومواجهة الكارثة الإنسانية في القطاع كما الضفة الغربية.

لكن تسارع سياسات الاحتلال، والتحول الدولي الداعم المتمثل بوصول ترامب للبيت الأبيض، تفرض مقاربات استباقية تتحرك من خلالها الأردن، بتنسيق مع فلسطين، في مسارين: الأول ثنائي يقوم على بناء خطة استجابة وتحد لسياسات الاحتلال، مع توزيع الأدوار وبرامج العمل والاستجابة، إن هذا المسار الداعم لا يتصل فقط بالتنسيق السياسي، ولا حتى بالمسار السياسي بل يمتد للبحث المشترك في آليات واستراتيجيات تعزيز الصمود بالنسبة للفلسطينيين كأمن قومي أردني ومصلحة فلسطينية مشتركة.

أما المسار الثاني فهو المسار العربي، حيث تبلور خلال الأشهر الماضية حالة عربية جمعية، ومواقف منسقة تجاه القضايا المركزية المتصلة بالعدوان، لكن من المهم تصعيد هذا التنسيق والبناء على خلاصاته، وأهمها العمل العربي الإسلامية الدولي الجمعي لخلق دولة فلسطينية ناجزة، ومنع أية مسارات تسوية إسرائيلية عربية منفردة. ومن المهم أيضًا، الضغط لربط أية اتفاقيات تسوية فلسطينية أو إقليمية تنهي هذه الحرب، بالواقع بالضفة الغربية كما في غزة.

ختامًا، إن التحديات التي تواجه الأمن القومي الأردني هي ذاتها التحديات التي تواجه الوجود السياسي الفلسطيني بكل شامل، ولكن الاستجابات والمواجهة هنا، ورغم أنها مسؤولية إقليمية عربية جمعية بشكل أساس، إلا أنها استجابات ملحة ووجودية بالنسبة للطرفين الأردني والفلسطيني، كما أنها استجابات يجب أن تعمل بحساسية عالية للمخاض الإقليمي الجاري الآن.

خاتمة

مع فوز ترامب بالانتخابات الأميركية، خرج سموتريتش معلناً أن العام 2025 هو عام فرض السيادة الإسرائيلية على “يهودا والسامرة”، بالتوازي مع المخطط الاستيطاني المتكامل لذلك، والذي سيقدم للإدارة الأميركية القادمة، المتوائمة مع هذا المشروع بنية وأيدلوجيا.

إذًا، قد نكون أمام “صفقة قرن”، في سياق توسيع التطبيع الإبراهيمي، والعين هنا على الرياض، وبناء المقاربات الاقتصادية المتجاوزة للفلسطينيين سياسيًّا، أو المقزمة لما قد يحصلون عليه في أحسن الأحوال. إن الاستجابات الفلسطينية – الأردنية المشتركة ضد صفقة القرن كانت واضحة، بوضع فيتو أمام مسار ومآلات الصفقة، ليس فقط فيما يتصل بالديموغرافيا والجغرافيا، بل بما يمس الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، المؤطرة في معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل.

وفي الخلاصة، فإن المواجهة هنا سياسية، تقوم على إعادة التموضع الاستراتيجي وبناء التحالفات الإقليمية الداعمة للحفاظ على الكيانية السياسية الفلسطينية من جهة، والأمن القومي الأردني من جهة أخرى، في حراك سياسي مشترك وفاعل، واستثمار الموقف السعودي الرافض للتطبيع دون دولة فلسطينية، كمحور للجبهة المساندة لمساحة العمل المجابهة للمشروع الصهيوني الإحلالي.


[1] حول تفاصيل الرؤية بالعربية: https://www.israelhayom.co.il/news/local/article/16877651

زر الذهاب إلى الأعلى